توجهّت جمعية حقوق المواطن الى المفتش العام للشرطة، يوحنان دنينو، مطالبةً اياه بالتوقف الفوري والكامل عن استخدام سيارة المياه العادمة “البوءش” في القدس الشرقية وبتعديل نظم الشرطة ذات الصلة بحيث تمنع استخدام هذه الوسيلة في المناطق المأهولة.
وتندرج هذه الرسالة ضمن سلسلة مراسلات قامت بها الجمعية منذ شهر تموز 2014 حذرت من خلالها من عواقب استخدام سيارة المياه العادمة في المناطق السكنية والتجارية المكتظة في القدس الشرقية، مطالبةً الشرطة بتقليص استخدامها في المناطق السكنية والتجارية وبإصدار أمر عاجل بإنعاش النظم لدى القوات الشرطية الميدانية في استخدام هذه الوسيلة لتفريق المظاهرات.
وقالت المحامية آن سوتشيو في رسالتها، بإسم جمعية حقوق المواطن، أنه حتى شهر تموز 2014 لم تقم الشرطة الاسرائيلية في استخدام هذه الوسيلة في مناطق مأهولة، إلا أنه ومنذ ذلك الحين تقوم بإستخدام سيارة الـ”بوءش” بشكل مكثف وغير مسبوق، إذ تقوم برشّ السائل المنتن والمتعفن على البيوت والناس من دون تمييز، وفي شوارع مكتظة، ومن خلال المسّ بالأشخاص الأبرياء والمساكن والمصالح التجاريّة والمدارس. وفي أحيان كثيرة تغلغل هذه المادة بيوت السكان، وتلحق الضرر بمن كانوا يمكثون في البيوت، ما أدّى إلى حالات غثيان وآلام في المعدة لدى العديد منهم، إلى جانب الرائحة الكريهة جدًا.
وأضافت أن السيارة الشرطية تغادر الأحياء بعد ان قامت بغمرها بالكامل، ما أدى الى تشويش حياة المواطنين المقدسيين لفترة طويلة، اذ اضطرت عائلات بأكملها ترك منازلها او إخلاء غرف لايام عديدة، أو واجهت صعوبات جمة حتى في ممارسة أعمال بديهية كالأكل والنوم في المناطق المنكوبة بالـ”بوءش”، هذا بالاضافة الى الأضرار الفادحة للحوانيت والمطاعم والفنادق والمدارس، وعليه لا يمكن اعتبار هذه الوسيلة تناسبية.
وأكدت المحامية سوتشو أن الاستخدام المفرط لسائل الـ”بوءش” في الأحياء المكتظة في القدس يتم بلا صلاحية وخلافاً للغاية التي جاء لخدمتها وخلافاً للنظم والإجراءات الشرطوية. إذ يحدد الاجراء المتعلق باستخدام سائل “البوءش” عدة قواعد لاستخدامه، منها السماح باستخدامه في المناطق المفتوحة فقط، استخدام هذه الوسيلة بحذر وفي اطار القيود الطوبوغرافيّة الخاصة بمنطقة المظاهرة ومن خلال الاهتمام بالامتناع عن المسّ بالسكان الأبرياء. كما يمنع استخدامه في حالات من الممكن أن تؤدي إلى ايذاء مجموعات سكانية ضعيفة مثل الأطفال والنساء الحوامل والكبار في السن، ويمنع تصويبه نحو الطوابق العليا لانه من الممكن ان يؤدي الى اصابات جسدية جسيمة والى احتمال السقوط من الاماكن المرتفعة بسبب قوة التدفق الكبيرة.
وقالت المحامية سوتشيو ان التجربة في الاسابيع الاخيرة تؤكد ان استخدام “البوءش” في الأحياء المكتظة في القدس الشرقية لا يمكن ان تتماشى مع التقييدات الواردة في الاجراء، علماً ان استخدامها المكثف وغير المنضبط ألحق الأذى الكبير بالسكان الفلسطينيين في الأحياء المقدسية وعاد بالضرر الجسيم في ممتلكاتهم.
من ناحية أخرى، تطرقت الرسالة الى اجراء الشرطة المتعلق بمعالجتها للمظاهرات، والذي يفيد بضرورة ملائمة وسائل تفريق المظاهرات الى خاصية المظاهرة ونوعية الجمهور ومكان وقوعها، مؤكدةً ان سيارة البوءش لا يمكن ان تلائم الظروف الطوبوغرافّية لأحياء القدس ولا للمظاهرات التي وقعت بها، حيث أوردت سوتشيو افادات لمواطنين مقدسيين كما ومقاطع فيديو توضح كيف تسير السيارة الشرطية في شوارع الاحياء المقدسية المكتظة ببطء شديد، وتقوم برش السائل المنتن بقوة كبيرة، ذهاباً وإياباً، نحو البيوت والشبابيك والسيارات والأرصفة والحوانيت.
هذا وأكدت الرسالة ان استخدام السيارة يتم بشكل تعسفي، معتبرةً اياه عقاب جماعي للسكان المقدسيين، اذ افادت شهادات وصلت الجمعية انه في عديد من الاحيان تم استخدامها بشكل مقصود وغير قانوني صوب مواطنين عزل غير ضالعين في المواجهات، كما تم استخدامه في مناطق بعيدة عن المواجهات او حتى بعد انتهاءها، وأن طريقة سير المركبة وتصويبها نحو الطوابق العليا ورش المادة بسرعة تدفق كبيرة يحول دون اصابة المتظاهرين بشكل مباشر على الاطلاق.
كما تطرقت الى المخاطر الصحية لسائل “البوءش” والى التناقض الجوهري في الاجراء الشرطوي، اذ يقول البند الاول من الاجراء ان السائل لا يشكل خطراً على حياة الانسان. أما المرفق “ج” للإجراء، الذي يعرض المخاطر لأفراد الشرطة في حال تم تعرضهم لسائل البوءش، يقول ان استنشاق السائل من الممكن ان يؤدي الى ضرر والى تقييد حركة الشرطي من القيام بعمله، وانّ تغلغل المادة في الملابس من الممكن ان تؤذي الشرطي وتقيد حركته، وانّه من الممكن ان يؤدي الى الاختناق نتيجة السعال الشديد، وانه من الممكن ان يؤدي الى حساسية. كما ان قواعد الامان لافراد الشرطة تحدد ان استنشاق المادة مسموح بنسبة قليلة فقط لأفراد الشرطة، وان من يقوم باستخدام السيارة عليه ارتداء القفازات وقناع واقي للفم والانف وجهاز تنقية خاص.
واكدت سوتشيو ان الفرق في التعامل مع هذه المادة على انها غير مؤذية للمواطنين من جهة، وخطيرة للغاية لأفراد الشرطة مثير للاستهجان، وأن المخاطر الواردة في المرفق لا تسري فقط على أفراد الشرطة، بل على كافة المواطنين، خاصة الاطفال والمرضى والمسنين. وأضافت الرسالة ان ارشادات الامان للشركة التي تصنع هذه المادة تفصل المخاطر الصحية لها، ومنها تهيجات عند لمسه الجلد، آلام وإحمرار في العينين، آلام في المعدة في حال الابتلاع، وهي حالات تستوجب علاج طبي. كما فندت ادعاء الشرطة حول تأثير رائحة الـ”بوءش” لمدة نصف ساعة فقط، اذ قالت انها زارت قريتي العيسوية وصور باهر بعد أيام من استخدام السيارة، وكانت الرائحة المنتنة ما زالت تفوح بقوة داخل البيوت والشوارع.
هذا وطالبت الرسالة بالتوقف الفوري عن استخدام “البوءش” كوسيلة لتفريق المظاهرات في الاحياء المقدسية المكتظة وبتعديل النظم ذات الصلة، بحيث تمنع استخدام هذه الوسيلة في المناطق المكتظة على الاطلاق، مؤكدة ان الاستخدام في القدس يعارض واجب الشرطة من الامتناع عن المس في غير الضالعين في المواجهات كما ويعارض مبادئ التناسبية والمعقولية في استخدام الوسائل للمحافظة على الامن العام والتي تعتبر اركان اساسية في عمليات للشرطة.
لقراءة الرسالة (باللغة العبرية)
لقراءة اجراء الشرطة المتعلق باستخدام “البوءش”
لقراءة الرسالة من تاريخ 27.10.2014