اعتقالات الاطفال في المناطق المحتلة- معطيات 2015

Photo by Anne Paq, Activestills

 

 

 

 

 

 

اعتقال قاصرين فلسطينيّين في الأراضي المُحتلّة وإحالتهم إلى القضاء

 حقائق ومُعطيات لعام 2015

إعداد: المحامية نسرين عليان وسبير سلوتسكر عمران[1]

مُقدّمة

تعمل جمعيّة حقوق المواطن منذ فترة طويلة على تعزيز حماية حقوق الفلسطينيّين الذين يواجهون إجراءات جنائيّة في جهاز القضاء العسكريّ في الأراضي المُحتلّة. في هذا الإطار، تركّز الجمعيّة تركيزًا خاصًّا على حقوق القاصرين الفلسطينيّين في الإجراءات الجنائيّة، وبخاصّة في إجراءات الاحتجاز، والاعتقال والاستجواب من قبل قوى الجيش والشّرطة الإسرائيليَّين، وتنظر الجمعيّة بقلق إلى الانتهاكات البالغة التي تُرتكب في هذا السّياق.

يقوم هذا المُستند بتلخيص المُكتشفات الأساسيّة التي حصلنا عليها من ردود الجيش والشّرطة على طلبات حرّيّة المعرفة التي كانت قد أرسلتها جمعيّة حقوق المواطن بخصوص اعتقال القاصرين الفلسطينيّين، وذلك كجزء من المُراقبة التي تجريها الجمعيّة على عمل الحكم العسكريّ في الأراضي المُحتلّة بشكل عام وعلى حقوق القاصرين بشكل خاص بما بتعلق بالاعتقال والتحقيق. ونرى بقلق شديد الانتهاكات الكثير التي تحصل بهذا الخصوص.

إنّ المُعطيات الظّاهرة في هذا المُستند تتعلّق بالعام 2015 وبمنطقة الضّفّة الغربيّة فقط. وتُفيد المُعطيات بأنّه:

  • تمّ اعتقال 871 قاصرًا فلسطينيًّا في الضّفّة في العام 2015
  • تمّ تقديم لوائح اتّهام ضدّ %62 من بينهم (أي ضدّ 542 من القاصرين المُعتقلين)
  • تمّ اعتقال %72 من القاصرين الذين قُدِّمت ضدّهم لوائح اتّهام حتّى انتهاء الإجراءات
  • تمّت إدانة %95 منهم في المحاكم العسكريّة.

 

اعتقالات على يد الشّرطة

أفادت شرطة إسرائيل بقيامها باعتقال 681 قاصرًا فلسطينيًّا من الضّفّة الغربيّة في العام 2015.

  • قاصران اثنان يبلغان من العمر 12 عامًا.
  • 24 قاصرًا يبلغون من العمر 13 عامًا.
  • 73 قاصرًا يبلغون من العمر 14 عامًا.
  • 132 قاصرًا يبلغون من العمر 15 عامًا.
  • 197 قاصرًا يبلغون من العمر 16 عامًا.
  • 253 قاصرًا يبلغون من العمر 17 عامًا.

بحسب المُعطيات التي بين يدينا، يتّضح أنّ الشّرطة اعتقلت بالمعدّل 57 قاصرًا كلّ شهر. وكان الشّهر الذي قامت فيه الشّرطة بأكبر عدد من الاعتقالات مقارنة بسائر الأشهر شهر تشرين الأوّل 2015، تم خلاله اعتقال 162 قاصر. في شهرَي تشرين الثّاني وكانون الأوّل 2015، واللذين شهدا انتفاضة الأفراد، نجد أيضًا عددًا كبيرًا من الاعتقالات: 124 في تشرين الثّاني، و78 في كانون الأوّل. أمّا في شهر حزيران من العام 2015 فقامت الشّرطة بأصغر عدد من الاعتقالات مقارنة بسائر الأشهر (19 اعتقالًا).

 

اعتقالات من قِبَل الجيش الاسرائيلي

خلال العام 2015، قام الجيش باعتقال 3,132 فلسطينيًّا، من البالغين والقاصرين، في الضّفّة الغربيّة. من بين مُجمل الاعتقالات في الضّفّة الغربيّة في ذلك العام، كانت هناك 190 حالة اعتقال لقاصرين (ما دون سنّ الـ 18). بما معناه أنّ %6 فقط من الاعتقالات التي نفّذها الجيش في الأراضي المُحتلّة في العام 2015 كانت لقاصرين. بالمُعدّل. اعتقل الجيش خلال العام 2015 16 قاصرًا كلّ شهر.

 

تقديم لوائح اتّهام

بحسب مُعطيات الجيش الإسرائيلي، خلال العام 2015، قُدِّمَت إلى المحاكم العسكريّة 542 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين. أمّا مُعطيات الشّرطة فتشير إلى تقديم 497 لائحة اتّهام.[1]

 

توزيع لوائح الاتّهام التي قُدِّمت بحسب مُعطيات الجيش:

  • قُدِّمت 17 لائحة اتّهام ضدّ أطفال بين سنّ الـ 12 والـ 14
  • قُدِّمَت 151 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين بين سنّ الـ 14 والـ 16
  • قُدِّمَت 374 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين بين سنّ الـ 16 والـ 18

 

الاعتقال حتّى انتهاء الإجراءات

من بين لوائح الاتّهام الـ 542 التي قُدِّمَت ضدّ قاصرين خلال العام 2015، بحسب مُعطيات الجيش، أُبقي 392 قاصرًا قيد الاعتقال حتّى انتهاء الإجراءات. معنى ذلك أنّ %72 من القاصرين الذين قُدِّمَت ضدّهم لوائح اتّهام خلال العام 2015 اعتُقِلوا حتّى انتهاء الإجراءات.

نتائج الإحالة إلى المحكمة:

بحسب مُعطيات الجيش، من بين لوائح الاتّهام الـ 542 التي قُدِّمَت ضدّ قاصرين بالمحاكم العسكريّة في العام 2015، انتهى 518 ملفًّا بإدانة. معنى ذلك أنّ نسبة الإدانة تفوق %95 من مُجمَل لوائح الاتّهام المُقدّمة ضدّ قاصرين. يجدر بالإشارة ان نسبة الإدانة عامة في إسرائيل (للبالغين والقاصرين) هي عالية وتصل الى 83%[2].

 

بالإضافة إلى الملفّات الـ 518 التي فيها أُدين قاصرين بحسب لوائح اتّهام قُدِّمَت ضدّهم خلال العام 2015، انتهى في العام ذاته العمل على 692 ملفًّا اضافيه كانت النّتيجة فيها إدانة قاصرين فلسطينيّين، وذلك بموجب لوائح اتّهام قُدِّمَت ضدّهم قبل العام 2015. معنى ذلك أنّ مُعطيات الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة تُشير إلى أنّ القاصرين الفلسطينيّين أُدينوا في 1210 ملفًّا في المحاكم العسكرية في العام 2015. كانت غالبيّة الإدانات مُقابل خمس مُخالفات التي ُنسبت للقاصرين: شغب، نشاط عدائيّ، مخالفات سير، مخالفات جنائيّة، وإقامة غير شرعيّة داخل اسرائيل. المُخالفة التي أُدين مقابلها أكبر عدد من القاصرين في العام 2015 هي الشّغب (633 ملفًّا، أي نصف عدد لوائح الاتّهام).

 

 

إدانة مُقابل مخالفة شغب

خلال العام 2015، تمّ التّوصّل إلى قرارات حكم قضائي بخصوص 633 لائحة اتّهام قُدِّمَت ضدّ قاصرين مُقابل مُخالفات شغب: تمّ التّوصل إلى قرارات في 68 ملف في المحكمة العسكريّة في سالم، وفي 565 ملق في المحكمة العسكريّة في عوفر.

توزيع تقديم لوائح الاتّهام مُقابل مخالفات شغب بحسب الأعمار:

  • قُدِّمَت 25 لائحة اتّهام ضدّ أطفال بين سنّ الـ 12 وسنّ الـ 14
  • قُدِّمَت 206 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين بين سنّ الـ 14 وسنّ الـ 16
  • قُدِّمَت 402 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين بين سنّ الـ 16 وسنّ الـ 18

 

في ما يلي تفصيل العقوبات المفروضة مُقابل مخالفات شغب:

الحبس الفعليّ مُقابل شغب:

فُرِض الحبس الفعليّ على 202 من القاصرين مُقابل مخالفات شغب.

مُعدّل أشهر الحبس الفعليّ الـ 202 من القاصرين كان 5.78 أشهر.

كانت أقسى عقوبة من الحبس الفعليّ لمدّة 26 شهرًا، وفُرِضَت على قاصر بين سنّ الـ 16 والـ 18.

فُرِض الحبس الفعليّ على 8 قاصرين يبلغون من العمر بين 12 و 14 عامًا، وكان مُعدّل فترة الحبس المفروضة عليهم شهرًا واحدًا.

كانت أقسى عقوبة فُرِضَت على قاصر بين سنّ الـ 12 والـ 14 هي شهران من الحبس الفعليّ.

الحبس مع وقف التّنفيذ مُقابل مُخالفات شغب:

فُرِض الحبس مع وقف التّنفيذ على 228 قاصرًا مُقابِل مُخالفات شغب.

في 9 حالات كان القاصرون صغار السّنّ – بين 12 و 14 عامًا.

الغرامات:

فُرِضَت الغرامات على 200 ولد مُقابل مُخالفات شغب.

أكبر غرامة فُرِضَت على قاصر بين سنّ الـ 14 و الـ 16 بقيمة 6,000 شيكل.

أصغر غرامة فُرِضَت على قاصر بين سنّ الـ 16 والـ 18  واخر بين سن 12-14 بقيمة 500 شيكل.

الغرامة الأكثر شيوعًا – فُرِضَت على 92 قاصرًا – بقيمة 2,000 شيكل.

مُعدّل الغرامات بقيمة 3,000 شيكل.

إخلال بتعهّد الامتناع عن مُخالفات شغب:

لم يلتزم ثلاثة قاصرين بين سنّ الـ 16 وسنّ الـ 18 بتعهدات سابقة بالامتناع عن ارتكاب مُخالفات شغب، وأُدينوا بسبب إخلالهم بشروط الافراج عنهم. كان العقاب المفروض على كلّ قاصر منهم بقيمة 5,000 شيكل.

 

إدانة مُقابل” نشاطّ عدائي”:

خلال العام 2015، تمّ التّوصّل إلى قرارات حكم قضائية بخصوص 363 لائحة اتّهام قُدِّمَت ضدّ قاصرين مُقابل نشاطات عدائيّة: تمّ التّوصل إلى قرارات الحكم في 231 ملف في المحكمة العسكريّة في سالم، وفي 132 ملف في المحكمة العسكريّة في عوفر.

توزيع تقديم لوائح الاتّهام مُقابل “نشاطات عدائيّة” بحسب الأعمار:

  • قُدِّمَت 3 لوائح اتّهام ضدّ أطفال بين سنّ الـ 12 وسنّ الـ 14
  • قُدِّمَت 39 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين بين سنّ الـ 14 وسنّ الـ 16
  • قُدِّمَت 321 لائحة اتّهام ضدّ قاصرين بين سنّ الـ 16 وسنّ الـ 18

في ما يلي تفصيل العقوبات المفروضة مُقابل نشاطات عدائيّة:

الحبس الفعليّ:

فُرِض الحبس الفعليّ على 108 من القاصرين.

كانت أقسى عقوبة من الحبس الفعلي لمدّة 11 عامًا، وفُرِضَت على قاصر يبلغ من العمر 16-18 عامًا.

فُرِض على قاصر واحد عمره بين 12 و14 عامًا حبس منزليّ مدّته ثلاثة أشهر.

مُعدّل أشهر الحبس – نحو 22 شهرًا من الحبس الفعليّ.

الحبس مع وقف التّنفيذ:

فُرِض الحبس مع وقف التّنفيذ على  144 قاصر.

تعويضات:

في اثنتين من الحالات، تقرّر أنّ على القاصر أن يدفع تعويضات مُقابل أعماله.

كان مُعدّل التّعويضات بقيمة 12,500 شيكل.

غرامات:

في 109 من الحالات، فُرِضَت غرامات على قاصرين مُقابل هذه المُخالفة.

كانت أكبر غرامة بقيمة 20,000 شيكل، وفُرِضَت على قاصر عمره بين 16 و 18 عامًا.

كانت أصغر غرامة بقيمة 500 شيكل، وفُرِضَت على قاصر عمره بين 16 و 18 عامًا.

كانت أكثر الغرامات شيوعًا بقيمة 2,000 شيكل، وفُرِضَت على 47 قاصرًا.

كان مُعدّل الغرامات نحو 3,000 شيكل.

المعطيات والاستنتاجات الأساسيّة

من خلال المعطيات المستعرضة في هذا المستند، وكذلك من المعلومات التي حصلت عليها جمعيّة حقوق المواطن في السّنتين الأخيرتين،[3] ترتسم صورة واضحة لسياسة جوهرها تزايد حالات اعتقال القاصرين في الضفة الغربيّة، الاستخدام المتكرر للاعتقالات حتى نهاية الإجراءات القضائية، غياب بدائل الاعتقال، وإدانة كل قاصر تُقدّم ضدّه لائحة اتهام، تقريبًا.

لهذه السياسة أبعادٌ كثيرة وكارثية على القاصرين من ناحية نفسيّة وتربوية ومن ناحية تطوّرهم. الاعتقال والتحقيق هما إجراءان قاسيان للإنسان البالغ، فكم بالحريّ عندما يكون الحديث هو عن أولاد صغار. ليس من سبيل الصدفة أن يخصّص القانون الدوليّ والمحليّ مكانًا خاصًا ومنفردًا لطريقة التحقيق مع الأولاد والفتيان واعتقالهم. يتّضح من المعلومات التي بين أيدينا أن اعتقالات القاصرين الفلسطينيين في الضفة الغربيّة والتحقيقات معهم، التي تُمارس أحيانًا بشكلٍ منافٍ للقانون أيضًا، تؤثّر بشكلٍ ملحوظ على الأولاد، حيث يظهر على بعضهم بعد الاعتقال الخوفُ الدائم من قوات الأمن والمعاناة من الكوابيس، الأرق، تراجع في تحصيلهم الدراسيّ وتغيّر إلى الأسوأ في تعاملهم مع المحيط والمجتمع.

أدخلتْ في السّنوات الأخيرة إلى التشريع العسكريّ تعديلات[4] تتعلّق بحقوق القاصرين الفلسطينيين الذين لهم طرف في إجراءات جنائيّة وفي مخالفات أمنية في الأراضي المحتلّة. ومن ضمن ذلك، أقيمت لأوّل مرّة محاكم عسكريّة للقاصرين، في عوفر وسالم؛ قُصِّرت فترات الاعتقال السارية على القاصرين وكذلك على البالغين؛ ووضعت تعليمات بشأن الاعتقال وإجراءات التّحقيق والمحاكمة الخاصّة بالقاصرين، التي من المفروض بها أن تكون لصالحهم وأن تتوافق مع القانون الدوليّ بخصوص حقوق الأولاد. لكن، رغم هذه التغييرات، فإنّ المعطيات التي تنشر في هذا المستند تبيّن صورة مختلفة.

يتّضح من المعطيات أنّ 72% من القاصرين الفلسطينيين في الضفة الغربيّة الذين قدّمت ضدّهم لوائح اتهام خلال عام 2015، اعتقِلوا حتى نهاية الإجراءات القضائية. في المقابل من ذلك، في إسرائيل – 17.9% فقط من القاصرين المقدّم ضدّهم لائحة اتهام يبقون رهن الاعتقال حتى نهاية الإجراءات.[5] كما تشير المعطيات الواردة في هذا التقرير إلى توجّه متواصل وإلى تزايد في الحالات التي يبقى بها القاصرين رهن الاعتقال حتى نهاية الإجراءات في عام 2015، مقارنةً بعام 2014 (72% في عام 2015 في مقابل 61% في عام 2014). هذا الأمر ليس من سبيل الصّدفة وإنما هو سياسة متعمّدة من الاعتقال حتى نهاية الإجراءات، على نحو مخالفٍ لوثيقة حقوق الطفل الدوليّة، التي تؤكّد أن اعتقال القاصر جائز الاستخدام كملاذ أخير فقط ولأقصر فترة زمنيّة ملائمة.[6] إنّ إبقاء نسبة عالية كهذه من القاصرين رهن الاعتقال حتى نهاية الإجراءات يتنافى أيضًا مع روح قانون الشبيبة (محاكمة، عقوبة وطرق علاج) 1971، الساري في إسرائيل، والذي يرمي إلى فحص التأهيل وطرق إعادة الفتيان إلى الطريق الصواب بدلاً من معاقبتهم واعتقالهم. يجدر التأكيد هنا أنّ الجهاز العسكريّ يحاول في السنوات الأخيرة أن يلائم الكثير من أوامره وقرارات حكمه العسكري في الضفة الغربية لروح قانون الشبيبه. من المهمّ التأكيد على أنّ الحديث يدور عن نزع الحرّية ممّن لا يزالون بصدد أبرياء حتى تثبت ادانتهم، وأنّ اعتقالاً من هذا النوع يجب أن يكون استثنائيًا وليس القاعدة.[7] هذا ومتعارف عليه إنّ إدارة الإجراءات القانونية للمتهم وهو رهن الاعتقال حتى نهاية الإجراءات القضائية قد يضرّ أيضًا باحتمالات الإجراء النزيه، لان الاعتقال يزيد من احتمال عقد صفقة ادّعاء، وذلك لتفادي فترة الاعتقال الطويلة و/أو فترة السجن الطويلة.

الأغلبية شبه المطلقة من لوائح الاتهام المقدّمة ضدّ قاصرين، سواء عام 2014 أو عام 2015، انتهتْ بالإدانة (95%). معنى ذلك هو أنّ لائحة الاتهام المقدّمة ضدّ قاصر تضمن الإدانة في كلّ ملفّ تقريبًا. أكثر من نصف الإدانات (633) كانت من جراء مخالفة شغب. يجدر الذكر في هذا السياق أنّه صحيح أنّ نسبة الإدانة بشكلٍ عام في إسرائيل هي عالية نسبيًّا وتصل إلى 83%،[8] إلا أنّ نسبة إدانة القاصرين في الضفّة أشدّ حدّةً، ويتّضح منها التخوف واعتماد سياسة صارمة بسبب الصراع السياسيّ في الضفة الغربيّة.

كشفَ بحث أجرته مصلحة السجون على نسب الانتكاسيّة (الرجوع للسجن) في أوساط السجناء المطلق سراحهم في إسرائيل في عام 2008، الذي نُشر في شباط 2015، أنّ نسبة الانتكاسيّة الأعلى موجودة في أوساط السجناء القاصرين، وأن حوالي 75% من السجناء الذين يُسجنون قبل سنّ 18 عامًا يعودون إلى السجن خلال فترة حياتهم.[9] إذا كانت الصورة كذلك في داخل إسرائيل، التي تُوفّر فيها للقاصرين آفاق تأهيل مختلفة وفيها مؤسسات وأطر ترافق القاصرين الذين تورّطوا بمخالفة القانون وتساعدهم، فمن الممكن الافتراض بأنّ الوضع أشدّ حدّة في الضفّة الغربيّة، بسبب عدم وجود آفاق تأهيل للقاصرين بشكل مطلق تقريبًا، وبسبب الصراع المتواصل والاحتلال العسكريّ.

وفقًا للقانون الدوليّ، يشكّل مبدأ مصلحة الطفل مبدأ أساسيًّا في الخطوات أو القرارات المتعلقة بالقاصرين. إنّ سياسة كتلك الموصوفة أعلاه منافية لروح ولمضمون الوثيقة الدولية لحقوق الطفل التي وقّعت عليها إسرائيل، إذ إنّ هذه الوثيقة تطالب أن يكون سجن القاصر الوسيلة الأخيرة وأن يكون لأقصر فترة زمنية ملائمة.[10] إضافةً إلى ذلك، فإنّ وثيقة جنيف الرابعة التي تتناول من جملة الأمور كيفية معاملة المعتقلين في منطقة محتلة، تتطرّق بشكلٍ صريحٍ إلى وجوب توفير “معاملة خاصّة” للمعتقلين الذين يعيشون تحت الاحتلال.[11] إن سياسة تكثيف الاعتقالات الطّويلة المترافقة مع الاحتجاز حتى نهاية الإجراءات مناقضة لمصلحة القاصر. من المهمّ الذكر هنا أنّ تكثيف اعتقالات القاصرين في الضفة الغربية يتمّ، ضمن أمور أخرى، بسبب عدم وجود بدائل اعتقال مثل الاعتقال المنزليّ، التكبيل الإلكترونيّ، المؤسسات وبرامج إعادة التأهيل، العمل لمصلحة الجمهور وما شابه ذلك.

تذكر الوثيقة الدّوليّة لحقوق الطّفل بشكل صريح أنّه “ينبغي على الدّول الأعضاء السّعي إلى إقرار قوانين، وأنظمة، سلطات ومؤسسات غايتها في الأساس مصلحة الأطفال الذي ادّعيَ بأنّهم أخلّوا بالقوانين الجنائية، أو أدينوا بانتهاكها، أو أقرّ أنّهم انتهكوها، وخصوصًا: […] مكان مفضل وملائم، يحوي وسائل للعناية بالأطفال من دون الاضطرار إلى الشروع في إجراءات قضائيّة، على أن يتمّ احترام حقوق الطفل ووسائل الدفاع القانونية بشكلٍ تامّ”. كما ورد في الوثيقة أيضًا: “شتى الترتيبات، مثل العناية، أوامر التوجيه والمراقبة، الاستشارة، الاختبار، العلاج المهني بالفنون، التربية وبرامج التأهيل المهنيّ وبدائل أخرى لعلاج مؤسسيّ ينبغي أن تكون متوفرة لضمان أن يُعالج الأطفال بما يتوافق مع رفاهيتهم وهذا نسبيّ سواء لوضعهم أو للمخالفة التي تمّ ارتكابها”.[12] آليّات التّأهيل هذه وبدائل السجن والاعتقال معدومة تمامًا في الأراضي المحتلّة تحت الحكم العسكريّ.

من خلال مقارنة المعطيات يتّضح أنه في عام 2014 اعتُقِل 1,375 قاصرًا فلسطينيًّا في الضفّة، وفي مقابل ذلك، في عام 2015 اعتقِل 871 قاصرًا. يلاحظ بهذا أنّه طرأ انخفاض يبلغ حوالي 36% على عدد القاصرين الذين اعتقلوا. مع ذلك، لا تزال هذه الظاهرة واسعة، وتحدث على أساس شهريّ، ويُرافقها مساس كبير بمصلحة الأطفال، بحقوقهم الأساسيّة، على النّاحيتين النفسية والجسدية لديهم، وبتطوّرهم المستقبليّ.

 

معاملة القاصرين من القدس الشرقيّة

يجدر الذكر أن سياسة مشابهة لهذه المتّبعة تجاه القاصرين الفلسطينيين تُمارس فعليًّا في القدس الشرقيّة أيضًا. بخلاف المناطق المحتلّة بالضفة، التي تسري فيها القوانين العسكرية التي لا تجيز إعادة التأهيل وبدائل الاعتقال والسجن للفتيان، ففي القدس الشرقية تمّ فرض القانون الإسرائيليّ، ولذلك فإن قانون الشبيبة (المحاكمة، العقوبة وطرق العلاج) من المفترض أن يتيح للقاصرين من القدس الشرقية آفاق إعادة تأهيل وبدائل للسجن والاعتقال. لكن، طرأ في السنتين الأخيرتين تغيير في السياسة أدى إلى التشدّد في معاملة هؤلاء القاصرين. إن قرار الحكومة رقم 1776 من يوم 26.6.2014، الذي يحمل عنوان “تعزيز تطبيق القانون في مخالفات إلقاء الحجارة”، أقرّ أنه يجب فرض سياسة صارمة تتمثل بتقديم لوائح اتهام، بما في ذلك طلب الاعتقال حتى نهاية الإجراءات، “بهدف تشديد العقوبة المتّبعة”. إضافةً إلى ذلك، نشر المدّعي العامّ للدولة، في يوم 9.9.2015، صيغة محدّثة للتوجيهات المتعلقة بسياسة تطبيق القانون في مخالفة إلقاء الحجارة. التعديلات الأكثر جوهريّة في هذه التوجيهات هي السياسة المعلنة لطلب الاعتقال حتى نهاية الإجراءات ضد كلّ مشتبه به بإلقاء حجارة؛ الإلغاء الفعلي لبدائل الاعتقال للقاصرين المُدانين بهذه المخالفات؛ وتشديد العقوبة على القاصرين المُدانين بإلقاء حجارة وبمخالفات على خلفية أيديولوجيّة.[13]

[1] في مُكالمة هاتفيّة أُجريت في تاريخ 13.10.2016 مع الضّابط ينيف حمي، وهو محامٍ يختصّ بتوجّهات الجمهور في شرطة إسرائيل، قيل لنا إنّ مُعطيات الجيش أكثر تحديثًا وأنّ الجيش يقوم بنقلها إلى شرطة إسرائيل، بما معناه أنّه يجدر اعتبارها أكثر دقّة.

[2] تقرير الملخص السنوي لعام 2015-  النيابة العامة ص 23 http://www.justice.gov.il/Units/StateAttorney/Documents/2015AnnualReport.pdf

 

[3] يُنظر تقرير جمعية حقوق المواطن، “الاعتقال، التشريع ومحاكمة قاصرين فلسطينيين في الأراضي المحتلة: حقائق ومعطيات لعام 2014″، في الرّابط: http://www.acri.org.il/he/wp-content/uploads/2016/03/minors-arrests-he.pdf

[4] الالتماس للمحكمة العليا 4057/10 جمعيّة حقوق المواطن في إسرائيل ضدّ قائد قوّات الجيش الإسرائيليّ في الضفة الغربية https://law.acri.org.il/he/24909

 الأطفال في إسرائيل 2015، أطفال مخالفون للقانون، مجلس سلامة الطفل، النشرة 12.16 ص. 476

[6] البند 37 (2)، الوثيقة الدوليّة لحقوق الطفل

http://cms.education.gov.il/EducationCMS/Units/Zchuyot/ChukimVeamanot/amanot/AmnaOom.htm

[7] البند 37 (2)، الوثيقة الدولية لحقوق الطفل

http://cms.education.gov.il/EducationCMS/Units/Zchuyot/ChukimVeamanot/amanot/AmnaOom.htm

[8] تقرير تلخيص عام 2015 – النيابة العامة، ص. 23  http://www.justice.gov.il/Units/StateAttorney/Documents/2015AnnualReport.pdf

[9] انتكاسية السجناء الجنائيين المطلق سراحهم عام 2008، قسم البحث والإستراتيجيّة، دائرة التخطيط، مصلحة السجون (2015)، في الرابط. http://www.ips.gov.il/Items/11144/reci.pdf  :

[10] البند 37 (2)، الوثيقة الدوليّة لحقوق الطفل.

http://cms.education.gov.il/EducationCMS/Units/Zchuyot/ChukimVeamanot/amanot/AmnaOom.htm

[11]  البند 76 من وثيقة جنيف الرابعة:

“Proper regard shall be paid to the special treatment due to minors.”

אמנת ג’נבה בדבר הגנת אזרחים בימי מלחמה

[12] البند 40 في الوثيقة الدوليّة لحقوق الطفل، في الرابط: http://cms.education.gov.il/EducationCMS/Units/Zchuyot/ChukimVeamanot/amanot/AmnaOom.htm

[13] يُنظر تقرير جمعيّة حقوق المواطن، “الطفولة الممنوعة: تشديد السياسة تجاه القاصرين المشتبه بهم بمخالفات إلقاء حجارة، مخالفات أمنية وشغب وأبعادها على لقاصرين” (شباط 2016)، في الرّابط:  http://www.acri.org.il/he/wp-content/uploads/2016/02/Arrested-Childhood0216.pdf

 

 

 

[1] هذا المستند نشر بكانون الثاني 2017, بالاستناد على الأجوبة الرسمية التي وصلت لجمعية حقوق المواطن خلال عام 2016 لاعتقالات القاصرين بالضفة الغربية خلال عام 2015.

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: الشرطة وحراس المستوطنين, حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة, حقوق سكان القدس الشرقيّة

مفتاح :, .

Comments are closed.