حتى الآن لم تقم عيادات صحية في معظم القرى العربية غير المعترف بها

وجّه قضاة محكمة العدل العليا أمس (الأحد) نقداً لاذعاً إلى سلطات الدولة بسبب المماطلة المستمرة في إقامة عيادات في القرى العربية البدوية غير المعترف بها في النقب. وقد نظرت محكمة العدل العليا أمس بالالتماس الذي قدمته محامية جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، دانه ألكسندر, ضد وزارة الصحة، سلطة أراضي إسرائيل، سلطة تطوير البدو، سلطات التخطيط وصناديق المرضى في شهر حزيران من عام 2000. قدم الالتماس نيابة عن لباد أبو عفاش ومحمد أبو قويدر وإسحق أبو حماد وطالبت فيه الجمعية المسؤولين بإقامة عيادات تابعة لصناديق المرضى في قرى وادي النعم والزرنوق (أبو قويدر) والدرجات، غير المعترف بها في النقب, بعد أن رُفضت طلباتهم لإقامة العيادات. كما وقدم اللإلتماس ونيابة عن المجلس الإقليمي للقرى العربية البدوية غير المعترف بها في النقب، وجمعية الأطباء لحقوق الإنسان ومنتدى التعايش في النقب. وقد طالب الالتماس أيضا وزير الصحة القيام بتحديد معايير وأنظمة، بموجب قانون التأمين الصحي الرسمي، لإقامة عيادات صحية في البلاد، وبالتالي إقامة المزيد من العيادات الصحية وفقا لهذه الأنظمة، في القرى غير المعترف بها في النقب حسب معايير مساوية لأقامة العيادات في البلدان اليهودية.

وإثر جلسة الأمس التي ترافعت فيها المحامية بانه شغري-بدارنه فقد اصدر القضاة دورنر، طيركل وبروكتشيا أمراً إلى ممثلة الدولة، المحامية أوريت كورن، بتقديم تقرير في غضون 60 يوما عن سير الإجراءات لإقامة عيادات في أربع قرى، وقد أبدو رأيهم أيضا أن الجدول الزمني لإتمام إقامة وتشغيل هذه العيادات قد طال كثيراً وأنهم يتوقعون إنهاء الإجراءات في القريب العاجل.

في الجلسة السابقة التي عقدت في إطار هذا الالتماس، قامت المحكمة بإلقاء اللوم على سلطات الدولة المخولة بإقامة العيادات. وجاء في قرارها أن “إقامة العيادات في البلدات البدوية هي حاجة ضرورية يتحتم على الدولة تلبيتها، وهذا ما يستشف من رد الدولة أيضا”. وقد تقرر، نزولا عند طلب الدولة، إرجاء المداولة لمدة ثلاثة أشهر، لتمكين سلطات التخطيط من إتمام إجراءاتها، ومطالبة الدولة بتقديم جدول زمني لإقامة خمس عيادات (أضافة لاثنتين اقيمتا إثر بقديم الإلتماس). إلا أن سلطات التخطيط وسلطة تطوبر البدو عرقلت إجراءات إقامة العيادات في وادي النعم والفرعة مخالفة بذلك قرار المحكمة السابق. وعلى أرض الواقع اتمت إجراءات التخطيط لقسم من العيادات (الزرنوق وعبدة)، وحتى الآن لم تبدأ هذه العيادات بتقديم الخدمات الصحية للسكان. وانتقدت المحكمة الدولة لأنه رغم مرور سنة على القرار، وثلاث سنوات على تقديم الالتماس، فقد أقيمت عيادتين فقط من أصل العيادات السبع التي التزمت الدولة بإقامتها. وقد وأبدى القضاة رأيهم في جلسة الأمس أيضا، حول كون الخدمة حيوية ويتحتم على الدولة تلبيتها، وأن تباطؤ الإجراءات خارج عن إطار المعقول.

تشير المحامية بانه شغري-بدارنه من جمعية حقوق المواطن، إلى أن سكان القرى غير المعترف بها ما زالوا يعانون من نقص كبير في خدمات صحية هي حق لهم ويسهل على باقي المواطنين تلقيها، مما يتعارض وقانون التأمين الصحي الرسمي. وتضيف المحامية شغري-بدارنه أن الاعتبارات التي توجه مخططات وزارة الصحة مخالفة للقانون وغير معقولة، وأهمها منع الخدمات الصحية لاستدراج السكان إلى بلدات لم تتم إقامتها بعد، أو إلى البلدات العربية البدوبة السبع التي أقامتها الدولة لتفريغ القرى غير المعترف بها من سكانها، عوضا عن الاهتمام بإقامة عيادات في القرى الموجودة والتيى يسكنها اهلها وفق قانون التأمين الصحي الرسمي.

قجمت الجمعية هذا الالتماس لإجبار السلطات المسؤولة على تقديم لاخدمات الصحية لما يقارب 75,000 مواطن عربي يعيشون في القرى التي لم تعترف بها الدولة حتى الآن. رغم أن الناس يسكنون هذه القرى قبل إقامة الدولة، إلا أن سصناديق المرضى لم تفتح عيادات حتى الآن في أغلبية هذه القرى. وقد تم رفض الطلبات المتكررة بشان فتح عيادات صحية فيها، دون أي تبرير. وجاء في الالتماس، أن انتشار العيادات في النقب فيه تمييز واضح ضد المواطنين العرب القاطنين بالقرى غير المعترف بها, وخاصة مقارنة بالسكان اليهود، بما يناقض القانون الذي يحتم على تقديم الخدمات الصحية على بعد معقول من مكان سكن المؤمن. وقد جاء في الالتماس أيضا، أن النقص المتواصل في الخدمات الصحية العامة يتعارض مع المعطيات حول احتياجات السكان العرب الصحية في النقب، وهو يمس بحق مقدمي الالتماس وبحق مواطنين عرب آخرين بالمساواة، وحقهم في تلقي الخدمات الصحية وحقهم في الكرامة. يتبين من فحص طريقة اتخاذ القرار في وزارة الصحة، فيما يتعلق بموضوع إقامة العيادات في البلدات غير المعترف بها في النقب، أن وزارة الصحة تتيح للسلطات المسئولة عن سياسة “توطين” وتركيز عرب النقب، استخدام انتشار الخدمات الصحية القائمة كوسيلة أخرى لتحقيق هذه السياسة. وبذلك تتوانى وزارة الصحة عن القيام بوظيفتها للعمل على توفير خدمات صحية يسهل الوصول إليها وفق القانون، لمجمل السكان، بغض النظر عن مكانتهم البلدية، ووفقا لاحتياجاتهم ولمعايير المساواة.

تنتج عن هذا الوضع أعباء يومية على الآلاف من المواطنين وذلك بسبب انعدام وجود عيادات تابعة لصناديق المرضى في قراهم: تحتاج أية مشكلة صحية، او حتى الشك بوجود مشكلة صحية، إلى معاناة متواصلة على الطرق، او تغيّب أحد أبناء القرية عن عمله، ليتمكن من نقل المحتاج أو المحتاجة بسيارته الخاصة لإجراء فحص طبي في بلدة بعيدة، ونتيجة لذلك، تؤجل الزيارات إلى العيادات ولا يتم علاج المشاكل الصحية في الوقت المناسب، مما يلحق أضرارا صحية بالسكان. تشير المعطيات حول الوضع الصحي في النقب، إلى نسبة عالية من حدوث الأمراض لدى عرب النقب بشكل ملموس، مقارنة بيهود النقب وبمجمل السكان في الدولة.

تؤكد جمعية حقوق الإنسان، على أن الامتناع عن إقامة العيادات، يشكل مسا جسيما بحق الأساس الخاص بمقدمي الالتماس وسائر السكان، فيما يتعلق بالخدمات الصحية والمساواة. هذا المس يمتد أيضا إلى حقوق أساسية أخرى مثل: الحق في الحياة وسلامة الجسم والحق في الكرامة. تجدر الإشارة إلى أنه قد تم الاعتراف بالحق في تلقي العلاج الطبي كحق أساسي من حقوق الإنسان، ولا يقتصر هذا الاعتراف على القانون الإسرائيلي فقط، بل يتعداه إلى مجموعة من المواثيق الدولية، التي كانت دولة إسرائيل قد وقعت عليها والتزمت بتنفيذها.

30/06/03

 

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: الحق في الصحة, الحق في العيش الكريم, النقب, حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.