وجهت جمعية حقوق المواطن، يوم 15.7.07، رسالة إلى المستشار القضائي للحكومة، السيد مناحيم مزوز، بشأن تدخل الشاباك غير القانوني في العديد من النشاطات السياسية والجماهيرية القانونية، وذلك في أعقاب تزايد حالات التحقيق مع نشطاء سياسيين وجماهيريين. وجاء في الرسالة بأن الجمعية تعتقد بأن هذه التحقيقات غير القانونية هي نتيجة مباشرة لتعامل الشاباك مع مصطلح “التآمر” بشكل فضفاض ومبهم، بموجبه تعتبر مناهضة يهودية الدولة بسبل قانونية وديموقراطية بحتة نوع من انواع النشاط التآمري. قدم الرسالة المحامي دان ياكير والمحامية سونيا بولس باسم جمعية حقوق المواطن.
وكانت جمعية حقوق المواطن قد توجهت في السنتيين الماضيتيين الى المستشار القضائي برسائل عدة وطالبته بتوجيه الاوامر الى الشاباك للكف عن اجراء تحقيقات غير قانونية وقمعية مع صحفيين ونشطاء سياسيين وجماهريين ، التي كل هدفها زرع الخوف والرعب في قلوبهم وردعهم عن ممارسة نشاطهم السياسي والجماهيري القانوني والديموقراطي. كان آخرها الرسالة التي وجهتها الجمعية يوم 5.6.08 بقضية تدخل الشاباك بعمل جمعية أطباء لحقوق الانسان.
تذكر الرسالة أن الإرتفاع الملحوظ في التحقيقات المخابراتية ضد نشطاء سياسيين وجماهريين يدل على ما يبدو بان الشاباك بدأ يترجم تصريحاته السابقة حول نيته إحباط كل نشاط سياسي مناهض ليهودية الدولة حتى لو كان هذا النشاط قانوني وديموقراطي الى خطة عمل. .
وأكدت الرسالة أيضا بأن الدفاع عن يهويدية الدولة ليس من أهداف أو من وظائف الشاباك, لا بل أن سياسة الشاباك هذه هي التي تمس بأسس النظام الديموقراطي ومؤسساتة وليست تلك النشاطات التي يحاول أن يحبطها.
فموقف الشاباك يتناقض مع المبادئ الاساسية للديموقراطية الليبرالية التي تتحمل نماذج مختلفة لعلاقة الدولة بالمجموعات القومية فيها. الديموقراطية اللبرالية يمكن أن تكون دولة ثنائية القومية او متعددة الثقافات أو فدرالية ويمكنها أن تضمن الحقوق الجماعية للاقليات إبتداءا من الإدارة الذاتية وإنتهاء بحق الفتو. فالنقاشات والإجتهدات حول علاقة الدولة الديموقراطية مع المجموعات القومية بداخلها تقع في صلب أسس الديموقراطية اللبرالية, ولا يجوز تقبل الادعاء بان كل موقف ينادي بتغيير علاقة الدولة مع المجموعات القومية بداخلها، يشكل خطر وتهديد على ديموقراطية الدولة ولمؤسساتها.
كما عبرت الرسالة عن قلق الجمعية من الوسائل التي يتبعها الشاباك لمراقبة نشاطات أطر سياسية وجمعيات تناهض يهودية الدولة, حيث صرح الشاباك في رده على توجه سابق لجمعية حقوق المواطن بأنه قد يستخدم أدوات “تجميعية” تنتهك الحق في الخصوصية – كالتنصت- للتأكد من أن النشاطات “غير العلنية” لجهات “تحتك” فعالياتها مع القانون لم تتحول لنشاطات غير قانونية. وبما أن الشاباك يتعامل مع مناهضة يهودية الدولة كنوع من النشاط التآمري يصبح التنصت على إجتماعات داخلية لأطر سياسية او لجمعيات تناهض يهودية الدولة أمر مقبول وعادي كون هذه الإجتماعات عي “غير علنية” وهذا بحد ذاته يهدد اسس الديموقراطية.
وبما انه لا يمكن احباط نشاط جماهيري قانوني من خلال تقديم المسؤولين عنه للمحاكمة، لجأ الشاباك الى فرض سياسة رقابة “الأخ الأكبر”. حيث يتم إستدعاء نشاطاء نشاطهم السياسي أو الجماهيري لا يروق للشاباك للتحقيق معهم. خلال التحقيق يتلقى المحقق معهم رسالتيين: أولاً؛ أنهم موجودين دائما تحت رقابة الشاباك. ثانياً؛ تهديد المحقق معهم، من خلال التعرض لحياتهم الشخصية، ومن خلال تحذير المحقق معه انه اذا ما تابع نشاطه سيتورط بمخالفات أمنية. حيث قام الشاباك باستخدام هذه الطريقة خلال التحقيق مع صحفيين عرب بسبب علاقاتهم مع صحفيين من العالم العربي، كذلك خلال التحقيق مع نشطاء من حزب التجمع بسبب علاقاتهم مع د. بشارة، وأيضاً مع موظف جمعية أطباء لحقوق الانسان بسبب زيارة وفد طبي من الجمعية لغزة. جميعهم تلقوا الرسالة ذاتها، بانهم تحت رقابة الشاباك وانهم قد يتورطوا في قضايا أمنية في حال تابعوا نشاطهم السياسي، ذلك على الرغم من ان نشاطهم قانوني.
وجاء في الرسالة بأن ممارسات الشاباك هذه تشبه آليات القهر المتبعة في أنظمة دكتاتورية، التي تستخدم الترهيب والتخويف لفرض قيمها السياسية على مواطنيها. فاحساس المواطنين انهم تحت رقابة دائمة من قبل مؤسسات الدولة وخوفهم من التورط معها، يخلق لديهم حالة من الرقابة الداخلية ورادع داخلي يهدف الى المس بقدرتهم على ممارسة نشاطهم السياسي والجماهيري بحرية،وكما يبدو هذا هو الهدف الذي ي يسعى الشاباك لتحقيقه من خلال التحقيقات المخابراتية التي نشهدها في الىونة الاخيرة.
دولة ديموقراطية لا تستطيع السماح باستخدام آليات تحقيق، سيطرة وقهر، كتلك المتعبة في الأنظمة الدكتاتورية، والتي يستخدمها الشاباك.
لذلك طالبت الجمعية المستشار القضائي بتوجيه الشاباك حول حدود ومحدودية صلاحياته، بروح الديموقراطية وحفظ حقوق المواطنين في حرية الفكر والتنظم السياسي والاجتماعي.