إسرائيل لا تتوانى عن هدم المنازل الفلسطينية

يعاني المجتمع العربي من حرمان مستمر وتضييق متزايد في مجال الأرض والسكن، على مر عشرات السنوات، إن كان من خلال مصادرة الأراضي من مالكيها العرب ووضعها لاستخدام اليهود فقط، أو من خلال تقليص مسطحات نفوذ البلدات العربية، أو لانعدام خرائط هيكلية توفر مناطق سكنية للمواطنين العرب، أو من خلال رفض الدولة الاعتراف بعشرات القرى والتجمعات السكنية العربية، خاصةً في النقب.

يشير تقرير حديث للمركز العربي للتخطيط البديل، الى انه خلال عام 2008 كانت حصة المواطنين العرب من القسائم التي وزعتها دائرة أراضي إسرائيل، 9% فقط، في الوقت الذي شكل فيه المواطنون العرب خمس السكان. تبرز ضآلة حصة المواطنين العرب في قسائم البناء أكثر وأكثر إذا ما قورنت بالحاجة المتزايدة في القرى العربية لأراضي البناء، وبسياسة تجميد التطوير والتخطيط في هذه القرى لعشرات السنوات.
تفيد المعطيات الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية أنه مع بداية عام 2009 يشكل المواطنون العرب في البلاد حوالي خمس السكان، نسبة الازدياد الطبيعي في المجتمع العربي 2.6% مقارنة ب 1.6% لدى المجتمع اليهودي، في عام 2007 عدد متوسط الأفراد في العائلة العربية هو 4.91 مقارنة ب 3.5 للعائلات اليهودية، عدد متوسط الأفراد في الغرفة في المنازل اليهودية 0.84 مقارنة ب 1.41 في المنازل العربية، وفي عام 2006 كان هناك 44،685 حالة زواج، حوالي 25% منها كانت في المجتمع العربي. كل هذه المعطيات تشير وتؤكد أن حاجة المجتمع العربي لتخصيص أراض للبناء هي أكبر مما هي عليه في المجتمع اليهودي، خاصة وأن 90% من المواطنين العرب يعيشون في القرى والمدن العربية، ولا يمكنهم امتلاك منزل في المدن الكبيرة.
لا يقتصر التمييز ضد المواطنين العرب على حصة المجتمع العربي من الأراضي العامة، إنما تنتهج دائرة أراضي إسرائيل سياسة تمييز واضحة لمنع المواطنين العرب من السكن في أماكن معينة خصصت لليهود فقط. كما هو الحال في موضوع الالتماس الذي تقدمت به جمعية حقوق المواطن والمركز العربي للتخطيط البديل، ضد دائرة أراضي إسرائيل على خلفية إعلان الأخيرة في شهر تموز 2004 عن مناقصة لتوزيع 26 قطعة ارض للبناء في أحد أحياء مدينة كرميئيل، واشترط الإعلان تخصيص هذه الأراضي لليهود فقط دون العرب.

من جهة أخرى تفتقر القرى والمدن العربية إلى خرائط هيكلية مصدقة، تمكن ساكنيها من استصدار تراخيص للبناء على أراضيهم. حيث أن إجراءات المصادقة على الخرائط الهيكلية تستمر لفترات طويلة قد تتعدى في بعض الأحيان أل 10 سنوات أو أكثر. بحسب تقرير جمعية الجليل حول السلطات المحلية العربية، نحو 42% من الخرائط الهيكلية المعتمدة حالياً في السلطات المحلية العربية تم إعدادها منذ مطلع الستينات وحتى نهاية الثمانينات، ونحو 18% فقط منذ العام 2000 وحتى 2006. كما أن معظم الخرائط المعتمدة لم يتم تعديلها منذ أن وضعت.
في قرية مجد الكروم على سبيل المثال، لم يصادق على خارطة هيكلية واحدة طوال ما يزيد عن 20 سنة، مسطحات القرية آخذه بالتقلص، وبالمقابل عدد سكانها آخذ بالتضاعف. 65% من الوحدات السكنية في القرية شيدت دون ترخيص بالبناء، ويعيش أصحابها تحت وطأة التهديد بالهدم، بالإضافة إلى الأعباء المالية التي تتكبدها العائلة نتيجة دفع الغرامات، التي تكرر كل ثلاث سنوات لتصل الى مبالغ باهظة.
أما في مدينة الطيبة فقد تم في نيسان 2006 إيداع خارطة هيكلية لتطوير مدينة الطيبة حتى عام 2020. من جهة بموجب هذه الخارطة سيتم اقتطاع 9000 دونم من أصل 18،500 دونم أراضي مدينة الطيبة لتكون خارج نطاق التطور العمراني للمدينة، بالإضافة الى مئات الدونمات التي سيمنع التطوير فيها بسبب مرور خط الغاز على أراضي المدينة والتخطيط لإقامة كسارة. في المقابل لن تحل هذه الخارطة مشكلة المنازل المهددة بالهدم ولن تصادق على إدخال دونم واحد جديد للبناء عليه.

تجميد التخطيط أو التلكؤ في إنجازه، وعدم توفير حلول سكنية، يزيد من حدة أزمة السكن ويدفع بالمزيد والمزيد من المواطنين العرب للبناء دون استصدار تراخيص ، لان معنى عدم البناء في حالات عديدة هو الحرمان من الحق في إقامة عائلة والعيش في جو كريم آمن يحفظ كرامة الإنسان وخصوصيته، وعليه فإن البناء غير المخطط هو النتيجة المباشرة لغياب التخطيط، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال تجميد حياة المواطن الفلسطيني إلى حين الانتهاء من إجراءات التخطيط. خاصة عندما لا يكون هناك أي بديل آخر في متناول اليد، نتيجة مصادرة الأراضي أو السيطرة على الأراضي التي كان من الممكن ان تشكل المد الطبيعي لتطور القرى العربية عليها. كل هذا ولم نتطرق بعد الى الحاجة لإيجاد مساحات للتطور الصناعي والمباني العامة.
جمعية حقوق المواطن تدعو جميع المتضررين من سياسات التمييز في التخطيط التوجه للجمعية وعرض قضيتهم.

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: التخطيط والبناء والأراضي والحق في المسكن, الحق في المساواة, الحق في المسكن اللائق, حقوق الأقلية العربية, حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة, قطاع غزّة

مفتاح :.

Comments are closed.