تحية من سامي ميخائيل رئيس الجمعية بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية والعبرية

Photo by Tom Raviv

إلى عضوات وأعضاء جمعية حقوق المواطن وجمهور مؤيديها،

سلام وتحية،

رأس السنة هو عيد الأمل والتفاؤل وفي الوقت نفسه فرصة لإجراء حساب للنفس بشكلٍ شخصيٍ وعام.

لدى استعراض السنة المنصرمة من الواضح أننا كمجتمع حضاري يتطلع نحو العدالة والرفاه، نحو الديمقراطية والسلام، مرت علينا إحدى السنوات الصعبة والمخجلة في تاريخ دولة إسرائيل. ففي مقابل الضعف، البلبلة وتراجع قوى التقدم، تعاظمت قوة السلطة الوحشية والفاسدة التي تنأى بنفسها عن أي مسؤولية حيال كل شرائح المجتمع.

وبفارق صوت واحد في الكنيست، تشن القيادة الحالية في إسرائيل حملة شرسة ضد المؤسسات الديمقراطية، ضد الجهاز القضائي، وحتى ضد القيادة العسكرية العقلانية. وهذه القيادة الجامحة أحاطت نفسها بمجموعة متطرفة معدومة الضمير، مستخدمة التفريق والترهيب، ولا تتوانى عن تلطيخ اسم كل قائد يعمل من أجل تغليب الطابع الإنساني للدولة.

وما زلنا نذكر الهجوم الحادّ على وزير الدفاع السابق الذي أدى الى استقالته بسبب حثه الضباط على قول ما يجول في قلوبهم، وكذلك الهجوم على رئيس هيئة الأركان العامة لإصراره على محاكمة الجندي الذي أطلق الرصاص على الشاب العربي الجريح في الخليل، والهجوم على وزير المواصلات الذي اتهم بمحاولة تنفيذ انقلاب بسبب تنفيذ أعمال بنى تحتية ضرورية لحركة القطارات في يوم السبت، وما زلنا أيضا نتذكر أقوال القائد العام للشرطة والافتراء على المواطنين الأثيوبيين فقط بسبب انتمائهم الأصلي.

إن الأمر المثير للقلق العميق هو ليس السلطة عديمة المسؤولية الوطنية فقط، وإنما أيضا ميول غالبية السكان، المخدّرة بدعاية كاذبة، للتسليم بالفساد الملتصق بسدة الحكم، وللتغاضي عن ملفات تحقيق كبيرة ضد أصحاب وظائف عليا، واستعداد هذه الأغلبية لانتخاب رؤساء بلديات متهمين بالفساد والاختلاس مرة أخرى، وأيضًا الإشادة بضباط لا يتوانون عن الدفاع عن أصدقائهم المتهمين باغتصاب جنديات وشرطيات.

بموازاة ذلك كانت السنة المنصرمة سنة سوداء أيضا في حقل الثقافة. فالحرب الشعواء ضد مسرح “الميدان” أدت تقريبًا إلى شلّ هذه المؤسسة الثقافية العربية، وبث برنامج عن الشاعر محمود درويش أدى إلى استجواب مدير محطة راديو.

إن مبادرات تشريع على غرار مبادرة تشريع قانون الولاء، وحملات إطلاق تهديدات ضد الفنانين، هي تعبير عن العنصرية والرقابة القائمة في الأنظمة الظلامية كجزء من سعيها لفرض ثقافة قوموية- دينية- عدوانية. إن الروح الشريرة التي أدت الى تفكيك سلطة البث الجماهيري، وإقصاء أفلام، ومحو شخصية العربي من الأدب العبري في جهاز التربية والتعليم من منطلقات عنصرية، ما زالت تهب علينا بملء قوتها.

ومع ذلك وبرغم الضربات المستمرة والمتعاظمة للأسس الديمقراطية، والتي تهدد مناعة المجتمع- مثل الهجمة على الجمعيات الإنسانية، وقانون الجمعيات الذي يهدف الى منع التبرعات بشكل أساسي لجمعيات حقوق الإنسان، وقانون الاقصاء الذي يهدد بالمس بأعضاء الكنيست العرب بشكل خاص، وضرب دولة الرفاه، وتعميق الفوارق الاجتماعية وتفاقم الفجوات المتسعة في جهاز التعليم- فإننا لن نفقد الأمل.

إن بداية القرن الواحد والعشرين لا تشبه بداية القرن العشرين، الذي ازدهرت فيه أنظمة شرسة وعنصرية، أنظمة مارست سياسات دعائية كاذبة ومضللة. والمناخ العام المنتشر في العالم اليوم يثبت أن البشرية تعلمت الدرس الأهم، وهو أن قمع الحريات، ودوس حقوق الانسان، والتنكيل بالأقليات، تتسبّب بانهيار ذاتي.

كلي أمل في أن ننجح خلال العام المقبل بأن نضع حدًا لهذا الكابوس، وبأن نهدم الأسوار الوهمية، وبأن نضع أقدامنا في السكة التي تقود نحو المستقبل الواعد لنا ولأولادنا.

في هذه السنة يلتقي أيضا عيدا رأس السنة الهجرية ورأس السنة العبرية ويحلاّن في نفس اليوم.

وعليه أتمنى سنة سعيدة للمحتفلين اليهود والمسلمين، سنة مباركة لنا جميعًا.

سامي ميخائيل

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.