عن العسل والبصل/ الخيّر والسيّئ الذي كان لنا في السنة الأخيرة

 

المحامية طالي نير

مديرة الوحدة الجماهيرية

كم خفنا، كم تصبّبنا عرقًا، كم شكونا وكم فرحنا في السنة المنصرمة بسبب ما يحدث هنا؟ سنة 2016 كانت سنة غير سهلة لحقوق الإنسان في إسرائيل. موجة العنف التي بدأت في مستهلّها تمامًا، ورافقتنا كل السنة، حصدت أرواح العشرات من الضحايا. إضافة إلى مئات من الجرحى. المساس بحقوق الإنسان الأساسيّة في الحياة والأمان الشخصيّ خلّف عائلات ثكلى وحزينة، فئات ملكومة وجمهورًا كاملاً يعيش في ظل الخوف، في رتابة حياتية مُقوّضة. كما لو أننا تعودنا، لكن الحقيقة بخلاف ذلك.

في هذه الفترة العصيبة، انتهكت السلطات الحقوق والحريات بشكل حادّ. كبار المسؤولين في الحكومة دعوا إلى إطلاق النار لهدف القتل في أحداث العنف، وبذلك فقد بدّلوا “على خاطرهم” تعليمات إطلاق النار، على نحو مناقض لموقف رئيس أركان الجيش والمستشار القضائي للحكومة. وكانت النتيجة وقوع حالات كثيرة تم فيها قتل مشتبهين بإطلاق النار عليهم رغم أنهم لم يشكلوا أي خطر، وفي حالات قليلة أخرى تبين أنهم أبرياء أيضًا. في المقابل، تم اللجوء إلى استخدام الاعتقال الإداري وأوامر الإبعاد بشكل واسع ضد الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي ممارسات تحرم المشتبهين من حق أساسيّ للغاية – معرفة التهم الموجهة إليهم.

هذه السنة تعاظمت موجة المبادرات التي تبدل قوانين اللعبة. أي مبادرة مسيئة يجب أن تفوز في مسابقة هذه السنة؟ إلغاء كتب من قبل وزارة التربية والتعليم؟ أم ربما قانون الولاء في الثقافة؟ القانون الذي غايته المساس بالجمعيات التي لها أجندة تختلف عن أجندة الأغلبية السياسية؟ المساس بمظاهرة المثليين في بئر السبع؟ أم ربما قانون الاقصاء، الذي يسمح لأعضاء الكنيست بطرد زملائهم لأسباب سياسية، ومن شأنه أن يمس بالجمهور العربي بشكل خاصّ؟ وهذه مجرّد قائمة جزئية فحسب.

إن المؤكد هو أن الأغلبية السياسية واصلت المساس بالحقوق الأساسية وبتهميش القواعد الديمقراطية الأساسية جدًّا. عضوات وأعضاء الكنيست قدموا اقتراحات قوانين غايتها قمع الآراء، نزع الشرعية عن الخصوم السياسيين، الأقليات ومنظمات حقوق الإنسان، وتضييق الخناق على كل من هو غير مقبول على الأغلبية السياسية.

رغم أنّه لم يتم قبول جميع المبادرات، إلا أن ضررها هائل: لقد رسخت ثقافة الكراهية وعمقت الشروخ. المهاجمون يتحولون إلى أعداء، ويتم التنديد بهم ودوسهم. التغييرات التي أجريتْ تسبّبت بأضرار فادحة للأقلية العربية، للمحكمة العليا، لمكتب المدعى العام، لمنظمات حقوق الإنسان، لوسائل الإعلام، للأكاديميا، وللفنانين. كما أدت أيضًا إلى رقابة ذاتية لدى كثيرين، وبذلك فبدلا من أن نكون مجتمعًا يسعى إلى إصلاح المشاكل والعطوب، أصبحنا مجتمعًا بات فيه من الصعب أكثر أن نتحدث عنها بشكل منفتح.

رغم ذلك كله، حدثت أيضًا أمور جيدة لحقوق الإنسان هذه السنة. إذا تم تطبيق توصيات تقرير لجنة القضاء على العنصرية تجاه اليهود من أصل إثيوبي، فمن الممكن أن تقلّ العنصرية بشكل جدي خلال عدة سنوات. قرار الحكومة الذي يشكل سابقة بإضافة مليارات الشواقل للمجتمع العربي يمكنه أيضًا أن يحسن وضعه كثيرًا، إذا ألغي اشتراط تطبيقه بهدم منازل. اذ إن هذا البناء تم بسبب قصور الدولة حتى اليوم.

في المجال الاجتماعي، زيادة قسم من المخصصات المعيشية هذه السنة هو أمر مبارك، خاصة وأن نسب الفقر عالية جدًّا. المشكلة هي أنه تم القيام بها بشكل اعتباطي، وفي المحصلة فإن الأغلبية الساحقة من هذه المخصصات لا تزال تحول دون التمكين من العيش الكريم. بالإضافة، رغم تواصل ارتفاع غلاء المعيشة، فإن معظمنا الحاسم لم يحظ هذه السنة بعلاوة في الراتب. وفي أسعار الشقق السكنية سُجِّل هذه السنة أيضًا ارتفاع قياسي، وهذا يعني أن حلم الشقة بقي بعيد المنال بالنسبة لكثيرين.

ما بين مكافحة التمييز ضد فئات معينة وبين الصراع الممأسس ضدّ فئات أخرى، بين موجة العنف وشعاعات الضوء الاجتماعية، فإن ميزان حقوق الإنسان لسنة 2016 مؤلم ومحبط، وهو ما يدعو للرجاء بأن تكون الأمور في السنة القادمة مختلفة. وكما جاء في الكلمات المتفائلة والمؤثرة لنعومي شيمر: لتكن جميلة ومختلفة تلك السنة التي ستبدأ بعد قليل. ومن أجواء مباركة العيد أضيف: ولتكثر حقوقنا كالرمّان.

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.