الشمال والجنوب يخلوان من خدمات التأهيل الصحي!

CC BY SA 4.0: David Shay

 

جمعية حقوق المواطن تلتمس للمحكمة العليا لوقف التّمييز ضدّ الشّمال والجنوب في خدمات التّأهيل الصحي

 نسبة الأسرّة في الرقود التأهيليّ في جنوب وشمالي البلاد أدنى بكثير مما هي عليه في منطقة تل أبيب، 0.05 لكل ألف إنسان في مقابل 0.22 سرير لكل ألف إنسان.

المحامية رعوت كوهين: نطالب وزير الصحة بوقف التمييز وبإعطاء سائر أجزاء البلاد علاجًا طبيًّا جيدًا كما هي الحال في المركز.

حياة السيدة نعمات، من سكان الجليل، دخلت في حالة انهيار بعد رقود زوجها لتلقي عناية تأهيلية في “بيت ليفنشطاين” في رعنانا، على بعد 117 كم من البلدة التي يسكنون فيها، وذلك بسبب عدم توفر مؤسسة تأهيلية في منطقة الشمال كلها. إن تعاطيها الصعب من أساسه مع الوضع الذي نشأ بات أصعب بشكل لا يُقارن بسبب السفرات الطويلة التي كان عليها القيام بها. “طول المسافة استنزف طاقاتي جسديًّا ونفسيًّا، ولو لم يكن لديّ قريب من العائلة يسكن في منطقة المركز وكنت أتردّد عليه للنوم عنده من حين إلى آخر، لكنتُ سأضطرّ إلى استئجار شقة في المركز، مثلما فعل آخرون ممّن قابلتهم في قسم التأهيل”، تقول.

أمير أصيب قبل نحو سنتين في حادث طرق بينما أصيبت أخته، داليا، قبل نحو سنة ونصف السنة في نادي “هفوروم” في بئر السبع. هذا الأخوان، وهما من سكان بئر السبع، كانا بحاجة إلى إجراء إعادة تأهيل ورقدا في المستشفى التأهيلي في المركز الطبي شيبا، لسبب عدم توافر مؤسسة تأهيلية ملائمة في منطقة سكناهم. اضطرّ والداهما، إلى نقل جزء جدّي من حياتهما من الجنوب إلى مركز البلاد، والسفر مسافات طويلة، والنوم في المنطقة. مصدر رزقهم تضرّر، وتقول الأمّ أنه لولا تلقيهم مسترجعات ماليّة من مكان عملهم، لكانت الأسرة ستنهار اقتصاديًّا.

إنّ الالتماس الذي تم تقديمه مؤخرًا إلى المحكمة العليا يطالب وزير الصحة بوضع حدّ للتمييز الجغرافيّ في خدمات الصحة. لقد قدّم الالتماس كلّ من “الفوروم المدني لتطوير الصحة في الجليل”، “فوروم الصحة في الجنوب”، “جمعية حقوق المواطن”، “أطبّاء من أجل حقوق الإنسان” ومنظّمة “بحقّ- بزخوت”.

يقرّ قانون التأمين الصحّيّ الرّسميّ أنه ينبغي تقديم خدمات الصّحّة في حدود مسافة، وقت وجودة معقولة. يطالب الالتماس، لأوّل مرّة، وزير الصحّة بوضع معايير واضحة تحدد ما هي المسافة، الوقت والجودة المعقولة في كل ما يتعلق بتلقي خدمات تأهيل. ففي كنف الكلمة “معقول” تطوّر نظام غير قائم على المساواة: يضطرّ المعالجون إلى السفر من النقب والجليل حتى “المركز الطبي شيبا” أو “بيت ليفنشطاين”، حيث يوجد فيهما جهاز التأهيل الأساسيّ في البلاد. يستطيع الأطفال تلقي التأهيل في شيبا، بيت ليفنشطاين أو في “ألين” في القدس فقط. إن المسافات التي يجب على أبناء الأسر قطعها من أجل مساعدة أعزّائهم المصابين أو المرضى هي بالتأكيد مسافات غير معقولة.

إنّ نسبة الأسرّة في الرقود التأهيليّ في الجنوب وفي شمال البلاد أدنى بشكل كبير مما هي عليه في منطقة تل أبيب، 0.05 لكل ألف إنسان في مقابل 0.22 سرير لكل ألف إنسان. هذا النقص يُلزم سكان الشمال والجنوب السفر إلى المركز من أجل الرقود التأهيليّ. بالإضافة، إن توافر وجودة مراكز التأهيل النهارية في المجتمع أدنى بشكل كبير مما هو عليه في مركز البلاد، وفي أحيان كثيرة لا يوجد فيها أطباء تأهيل بشكل دائم، كما هي الحال في المراكز النهارية في مركز البلاد.

“عندما أصيبت داليا قررتُ أن أترك العمل لكي أكون إلى جانبها في إجراء التأهيل المضني والطويل. أنا أعلم أنّ الكثيرين لا يسمحون لأنفسهم بترك العمل والمكوث إلى جانب أعزائهم. استمرت فترة رقود دورون عشرة شهور، وكنت موجودة إلى جانبها منذ لحظة نهوضها حتى لحظة ذهابها للنوم. لم يكن لدي وقت فراغ، ولأننا نسكن في جنوب البلاد، فقد اضطررت إلى المبيت في نُزل يقع بجوار المستشفى. كانت تلك فترة صعبة، حزينة ومنهكة بالوحدة، حيث مكثتُ فترة طويلة وحدي، بعيدًا عن البيت، ودون أن تتوافر لي إمكانية أن أشارك أحدًا بالتجربة الصعبة التي أمرّ فيها، إلا عبر الهاتف”، تروي الأم عن الفترة الصعبة التي مرّت بها، والتي زادها قساوةً بُعدُ المسافة عن البيت.

إن انعدام خدمات التأهيل النوعية والمتوافرة على بعد مسافة معقولة عن مكان سكن المعالَج، من الممكن أن يؤدّي إلى عدم تلقيه تأهيلاً، وإلى أن لا يستعيد الحياة التي كانت له قبل الإصابة. الإمكانية الأخرى هي الرقود بعيدًا عن مكان السكن، وهي منوطة بزيادة باهظة في المصاريف الاقتصادية للمعالجين من أطراف البلاد، وتلزمهم بالسفر مسافات طويلة، ما قد يضر بإجراء التأهيل نفسه. ويوضح البروفيسور آفي عوري من مستشفى “رعوت” أنه نتيجة لذلك قد ينشأ ضرر بالغ في احتمالات التأهيل، ولذلك قد يظل الإنسان فاقدًا للقدرة على أداء أموره، والكارثة التي حلّت به وبأبناء أسرته ستتفاقم.

“النقص في خدمات التأهيل في الشمال وفي الجنوب ليس نتيجة النقص في الموارد فحسب، وإنما هو نتيجة تقسيمها غير العادل والتمييزي. نحن نطالب وزير الصحة بوقف التمييز وبإعطاء سائر أجزاء البلاد علاجًا طبيًّا جيدًا كما هي الحال في المركز”، توضّح المحامية رعوت كوهين من جمعية حقوق المواطن، معدة ومقدمة الالتماس. وتؤكد ان المعاناة المستمرة للمرضى التأهيليين وأهاليهم هي كبيرة جدًا، ويجب على السلطات التنبه لهذه المعاناة ووقفها، واقامة اطر تأهيلية في الشمال والجنوب.

 

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.