لنضيئ النور من جديد- تهنئة رئيس جمعية حقوق المواطن سامي ميخائيل

الصديقات والأصدقاء الأعزاء،

على مرّ الأجيال حمل إلينا عيد الربيع وما ينطوي عليه من دلالة الحرية بشرى التكافل المتبادل والتضامن الاجتماعي. وفي عدد من أماكن الشتات يجري الاحتفال بليلة الفصح في ظل أبواب مفتوحة وشبابيك مُضاءة. إن مقولة “ليأتِ كلّ جائع كي يأكل” تنطوي على معنى راسخ في روح شعب استلهم قوّة روحية من الإيمان بأننا نتقاسم المسؤولية عن بعضنا البعض. غير أن دولة إسرائيل بالذات، وبعد 67 على إقامتها، تحولت إلى حصنٍ لأثرياء مُتخمين، وإلى مكان تتعرّض فيه الطبقات الشعبية التي تعاني من الضائقة إلى النكران والضياع والإهمال. فالفجوات بين المركز والأطراف، والنقص في السكن مع انهيار منظومة الرفاه، يقوّض التضامن الذي يشكل حجر الزاوية في كل مجتمع سليم. وفي خضم ذلك كله يتم توجيه مشاعر الإحباط واليأس نحو العناوين غير الصحيحة بل ونحو فئات شعبية مُعدمة. من المؤسف معايشة العنصرية المتفشية بيننا، والاغتراب إزاء المستضعفين، والهوة الآخذة بالاتساع بين فئات المجتمع المتعددة. وبتنا شهوداً على ظواهر من قبيل: يهود لا يريدون العيش في محيط عرب، وعلمانيون يبتعدون عن محيط المتدينين، وبيض البشرة يقيمون حواجز أمام سُمر البشرة، ومواطنون غير يهود يتعرضون لتحريض ذي نزعة قوموية.

يصعب العثور في تاريخ شعبنا على فترات شروخ اجتماعية عنيفة أقسى من الفترة الحالية التي تتفاقم فيها الشروخ بين يسار ويمين، بين شرقيين وغربيين، بين يهود وعرب. في الوقت عينه فإن ذراع تطبيق الديمقراطية مصابة بمرض التحلل من القيم. فالكشوف عن تحويل نساء يخدمن في جهاز الشرطة الى ضحايا تحرّش تثير تساؤلات مؤسية عن مدى أخلاقية إحدى الأذرع المهمة في كل مجتمع.

وفي ظل مناخ الحرب وإشعال لهيب الغرائز القوموية، تزداد النزعة إلى قمع حرية التعبير، وملاحقة الشجعان الذين يعلنون أن هناك طرقاً أخرى لحل النزاعات. إن من يؤشر إلى درب السلام يُدان بالخيانة، ومن يرفع صوته ضد الاحتلال وضد انتهاك حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية يُعتبر كارهاً لإسرائيل.

مع قدوم عيد الربيع والحرية، فإننا – موظفو جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، أعضاؤها، داعموها وأنصارها – نعمل بلا كلل من أجل عدم الخنوع لليأس. إن الاستسلام والانعزال لم يشكّلا أبداً حلاً لأي مشكلة. وعلى الرغم من أي شيء، تظل إسرائيل دولة غنية وديمقراطية. فما تزال القوانين والمؤسسات الديمقراطية تشكل بوصلة لها. وما يزال الكثيرون من أصحاب النية الحسنة يتطلعون للعيش وفقاً لقيم إنسانية. وما يزال بمقدورنا إضاءة الشبابيك وفتح الأبواب مجدداً لمن يعاني من الضائقة، للمختلف عنا، للجار الذي خُلق على الصورة نفسها. وإذ نتداعى لتهنئة أنفسنا بعيد حرية سعيد، علينا تذكُّر أن الفرح لا يسود في حصون مغلقة من العزلة والعنصرية. إن غالبية أعياد إسرائيل جرى الاحتفال بها بروح كونية، وعيدنا هذا فرصة لائقة لتجديد التضامن الاجتماعي الذي كان على الدوام ضمانة وجودنا.

وليحلّ علينا عيدا الفصح، اليهودي والمسيحي، بالخيرات.

عيد حرية سعيد لنا جميعاً،

بمودّة،

 

سامي ميخائيل

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.