الديمقراطية على الطريقة الإسرائيلية

المحامي عوني بنا
(
مدير قسم حقوق الأقلية العربية في جمعية حقوق المواطن)، 21.10.2010

ديمقراطيّة إسرائيل تطالب الفلسطينيين ممن يحملون جنسيتها ومواطنتها بالتنازل عن انتمائهم القومي وموروثهم التاريخي والثقافي، مقابل الحصول على حقوق وتلقي الخدمات. شعار “لا مواطنة بلا ولاء” أصبح اليوم الشعار المركزي والرسمي للحكومة. الترجمة العملية لهذا الشعار تأتي على شاكلة مشاريع قوانين عنصرية تبتغي اشتراط حقوق المواطنين العرب بتقبّلهم “للرواية الصهيونيّة”، وبالبرهنة على “ولائهم” للدولة اليهوديّة والحلم الصهيونيّ، على العكس ممّا في بديهيّات النظام الديمقراطيّ التي لا تشترط توفير حقوق الإنسان بشيء. ومن جملة هذه القوانين, التعديل الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية مؤخرا لقانون المواطنة والذي يلزم طالبي ألمواطنه والمكوث في إسرائيل بالتوقيع على تصريح ولاء لدولة إسرائيل كدوله يهودية. ونذكر أيضا “قانون النكبة” الذي فرض في صيغته الأولى عقوبة السَّجن على كلّ من يُحْيِي نكبه فلسطين. في شهر آذار عام 2010، صودق على صيغةٍ معدَّلةٍ لمشروع القانون، بحسبها تستطيع الحكومة سحب التمويل الحكوميّ عن الأجسام التي تُحْيي النكبة. وعلى غرار ذلك، أعلن وزير الماليّة يوفال شتاينيتس، في أيّار من هذا العام، عن ضرورة “إيجاد السبل لسحب مواطَنةِ مَن يعلنون الحِداد في ذكرى إقامة دولة إسرائيل”. تضاف إلى هذه المطالب خطوات إضافيّة نحو سلب الهُويّة، وإسكات الرواية الفلسطينيّة داخل جهاز التربية والتعليم، وفرض قيم ورموز يهودية مثل النشيد الرسمي للدولة على التلاميذ والمدارس العربية, وخطة وزارة المواصلات الإسرائيلية الجديدة القاضية بإلغاء الأسماء والمسميات العربيّة عن شارات الشوارع, واستبدالها بأسماء ومسميات عبرية. في هذا السياق يشار أيضا إلى المبادرات الأخيرة التي تشترط سكن العرب في مناطق معينة في الجليل وفي النقب بإعلانهم “الإخلاص” “للفكر الصهيوني الاستيطاني”.

مَطالب الولاء لإسرائيل كدولة يهوديّة، وللرؤيا الصهيونيّة ولرواية الأغلبيّة اليهوديّة، مطابقة لمطالَبة المواطنين العرب بمحو هُويّتهم والتنكّر لتاريخهم. هذه المطالب هي محاوله لنزع الشرعيّةَ عن كل الوجود العربي في هذه البلاد. وليس من قبيل ألصدفه إن تتزامن هذه المحاولات والوجود مع التدريبات التي أجرتها قوات لأمن الإسرائيلية قبل عدة أسابيع للتعامل مع أحداث عنف مختلفة قد تقع في البلدات العربية في أعقاب التوقيع على اتفاق مع السلطة الفلسطينية يتضمن تبادل السكان وترحيل مواطنين عرب . إجراء هذا التمرين يدل على إن فكرة الترانسفير تحت مسميات أخرى مثل تبادل الأراضي أو تبادل السكان ليست مجرد شعار انتخابي أو فكرة خاصة ببعض السياسيين فحسب وإنما هي موضوع مطروح على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية.

الديمقراطية الإسرائيلية مبنية على أساس طمس هوية الآخر ونزع الشرعية عن وجوده. على الديمقراطية الإسرائيلية تذويت حقيقة استحالة تنازل الفلسطيني في هذه البلاد عن هويته القومية والثقافية، والكف عن ربط الحقوق بالانتماء القومي، الأمر المنافي لأسس الديمقراطية القويمة. واجب الديمقراطيّة هو إتاحة المجال للفلسطينيين في إسرائيل في المحافظة على انتمائهم وهُويّتهم وإرثهم وثقافتهم.

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: حقوق الأقلية العربية, حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.