بيان صحفي
أصدرت المحكمة العليا يوم الخميس 13.12.12 أمراً احترازياً يجبر الحكومة الإسرائيلية على تقديم تفسيرات تبرر عدم نقل صلاحيات حراسة المستوطنات اليهودية داخل الأحياء الفلسطينية من وزارة الإسكان إلى وزارة الأمن الداخليّ. وقد أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارها بعد جلسة الاستماع الأولى يوم الأربعاء 12 كانون الأول، بخصوص دعاوى الالتماس الذي قدمته جمعية حقوق المواطن وسكان فلسطينيون ضد تشغيل حراس المستوطنين في أحياء القدس الشرقية.
وقد جاء في قرار المحكمة أنه على المعارضين للالتماس شرح الأسباب التي تبرر “إلغاء قرار الحكومة الإسرائيلية رقم 1073 في يوم 21 كانون الثاني 2007 والذي قضى بأن تنقل صلاحيات تأمين وحراسة الأماكن اليهودية في شرقي القدس من وزارة البناء والإسكان إلى وزارة الأمن الداخليّ. كما على المعارضين الشرح لماذا لم تقوم الوزارة الحكومية المسؤولة (المقصود هنا وزارة الإسكان) بالنظر مجدداً في تعريف صلاحيات الحراس”.
وعلى الحكومة الإسرائيلية الردّ على المحكمة بهذه التفسيرات خلال 120 يوماً من تاريخ 13.12.2012.
تفاصيل الجلسة يوم 12.12.12:
طالب قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، أثناء جلسة الاستماع الأولى في قضية حراس المستوطنين، من مُمثلي الحكومة الإسرائيلية شرحاً مفصلاً يبرر تشغيل حراس المستوطنين من قبل وزارة البناء والإسكان، بدلاً من وزارة الأمن الداخليّ، التي من المفترض أن تضطلع بالمسؤوليات الأمنية. وجاء هذا الطلب في معرض جلسة الاستماع الأولى التي عُقِدت يوم الأربعاء (12 كانون الأول) بشأن الالتماس الذي قدمته جمعية حقوق المواطن وسكان فلسطينيون للمحكمة العليا، لوضع حدّ لتشغيل حراس شخصيين للمستوطنين في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقيّة. وقد طالب قضاة المحكمة الثلاثة من محامييّ السلطات الإسرائيلية توفير المزيد من الشرح لتبرير مسؤولية وزارة البناء والإسكان عن تشغيل هؤلاء الحراس، معتبرين أن الشرح الذي قدمته السلطات الإسرائيلية حتى الآن ليس مقنعاً وليس كافياً. وقد انتهت الجلسة بإعلان القضاة الثلاثة أنهم سينظرون في دعاوى الطرفين ويردون جوابهم في الأيام القريبة القادمة.
وقد قُدمت خلال جلسة الاستماع أمثلة كثيرة على تصرفات غير مقبولة لحراس المستوطنين في الأحياء الفلسطينية، منها على سبيل المثال توقيف السكان الفلسطينيين وسؤالهم عن بطاقات هوياتهم، على الرغم من هذا الإجراء لا يندرج تحت صلاحيات الحراس الشخصيين. في المقابل، ادّعي محامي الحكومة الإسرائيلية بأن صلاحيات الحراس مقيدة بحماية أماكن سكن المستوطنين، وأن القانون لا يعطيهم أي صلاحيات أمنية خارج هذا النطاق. رداً على ذلك قال القاضي عوزي فوجلمن بأن تجول هؤلاء الحراس مُسلحين ومزودين بسيارات خاصة في شوارع الأحياء الفلسطينية يصوّرهم كأصحاب صلاحية، مضيفاً أن الشخص العادي في الشارع لا يعرف لمن توجد صلاحيات قانونية ولمن لا، ومؤكداّ على أن واجب حماية أمن الناس يقع بالدرجة الأولى على الشرطة.
خلفية الالتماس:
وكانت جمعية حقوق المواطن قد قدّمت في تشرين الأول 2011 مع مجموعة من أهالي أحياء سلوان والبلدة القديمة وجبل المكبر والشيخ الجراح، التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية (رقم 8001/11) مطالبة إياها بوقف عمل حراس المستوطنين في هذه الأحياء. وقُدم الالتماس ضدّ كل من الأطراف التالية: الحكومة الإسرائيلية، والشرطة الإسرائيلية، وزارة الإسكان، ووزارة الأمن الداخليّ. هذا وقد طالبت مجموعة من المستوطنين بالانضمام إلى الالتماس كمعترضين على مطالبه.
هذا ويتواجد في القدس الشرقية ما يقارب 350 حارساً يقدمون خدمات الحماية لما يقارب الـ2000 مستوطنٍ يهوديٍّ يعيشون في مستوطنات بداخل بعض الأحياء الفلسطينية مثل سلوان، والشيخ جراح، والبلدة القديمة وغيرها. ويتم توظيف هؤلاء الحراس بواسطة وزارة الإسكان الإسرائيلية عبر مناقصة تنتشر في الصحف وتتقدم لها شركات حراسة إسرائيلية خاصّة، ويكلف هؤلاء الحراس الحكومة الإسرائيلية ما يقارب 70 مليون شيكل في السنة.
وقد ادعت الجمعيةُ عبر الالتماس أن تشغيل شركات حراسة خاصة في الأحياء الفلسطينية يعتبر انتهاكاً للقانون من نواحٍ عدة. بدايةً، يعتبر تشغيل هذه الشركات الخاصة خصخصةً غير قانونية لصلاحيات سلطة الأمن الداخليّ المتمثلة في الشرطة الإسرائيلية التي من المفترض أن تكون المسؤولة عن تأمين حياة الناس كافّة. كما أن تحديد وظيفة هؤلاء الحراس بحماية المستوطنين اليهود فقط، يعتبر انتهاكاً لمبدأ المساواة الإنسانيّ، وتنصلاً من طرف السلطات الإسرائيلية من واجبها في حماية أمن بقية السكان، واهتمامها فقط بحماية مجموعة محددة غير آبهةٍ بسلام وحقوق السكان الفلسطينيين التي تُنتهك بتصرفات هؤلاء الحراس. وثانياً، فإن السياسة التي يتم على أساسها توظيف هؤلاء الحراس تعتبر “الفلسطينيين خطراً دائماً على حياة المستوطنين”، مما يعني زيادة احتمال تعرض الفلسطينيين للاعتداءات من قبل الحراس، ويمس بحق السكان في سلامة أجسادهم. وتعدّ قضية سامر سرحان من سلوان، الذي قُتِلَ على يد مستوطن في أيلول 2010، دليلاً واقعياً على ذلك.
ثالثاً، يمس تواجد شركات الحراسة الخاصة في الأحياء الفلسطينية بحقّ السكان في الخصوصية، إذ تتواجد في هذه الأحياء كاميرات فيديو تكون موجهة في غالب الأحيان باتجاه بيوت الفلسطينيين أو حتى إلى داخلها، مخترقة بذلك الحيز الشخصي ومنتهكة حرمة المنازل. أما رابعاً، فمن المفهوم ضمناً أن تواجد هؤلاء الحراس يعرض حق الفلسطينيين في العيش بكرامة للانتهاك. إذ يصف العديد من الأهالي الرعب الذي ينشره الحراس في قلوب أطفالهم، فقد تكررت حوادث قام فيها الحراس بالصراخ على الأطفال ومنعهم من اللعب في الشوارع القريبة من بيوت المستوطنيين المنتشرة داخل حارات أولئك الأطفال. ناهيك عن أن الحراس يقيدون حق الفلسطنيين في حرية التنقل ويغلقون الشوارع أمامهم في بعض الأحيان عند تنقل المستوطنين.
وأخيراً، فإن شركات الحراسة الخاصة العاملة في أحياء القدس الشرقية لا تخضع لرقابة جديّة من قبل السلطات الإسرائيلية. ومما يزيد الطين بلة، أنّ السلطات الإسرائيلية تسير في مشوار خصخصة صلاحيات الأمن بلا هوادة، فقد تم الإعلان في الجرائد الإسرائيلية قبل حوالي شهرين عن مناقصة جديدة تبحث عن شركة حراسة خاصة لتقوم نيابة عن الشرطة الإسرائيلية بأعمال إدارية ورقابية على عمل شركتي الحراسة الخاصتين العاملتين في القدس الشرقية: شركة “ساعر” العاملة في البلدة القديمة، وشركة “موديعين ازرحي” العاملة في بقية الأحياء الفلسطينية. وتعتبر الجمعية هذه الخطوة اعترافاً ضمنياً من قبل السلطات الإسرائيلية بعدم قدرتها أو رغبتها في مراقبة وإدارة شؤون شركات الحراسة كما يجب، ولذلك تقوم بتحويلها إلى جهات خاصة.
المحامية كيرن تسفير من جمعية حقوق المواطن عقبت قائلة : “نتمنى أن الأجوبة الجزئية التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية تعكس للقضاة حجم المشاكل الكامنة في قضية تشغيل حراس المستوطنين، وتلقي الضوء على الصلاحيات غير الواضحة لهؤلاء الحراس وعلى غياب الرقابة على عملهم. أتينا اليوم للمحكمة للمطالبة بوضع حدّ لهذه السياسة التي تهتم فقط بحماية المستوطنين اليهود، وفي المقابل تنظر إلى كل فلسطيني يقطن في هذه الأحياء على أنه خطرٌ أمنيّ، سواء كان طفلاً أو امرأة أو رجلاً، فقط لكونه فلسطيني. آن الآوان لوضع حدّ لهذا التعامل التمييزي ضد السكان الفلسطينيين، ولدق ناقوس الخطر إزاء سياسات الخصخصة الخطيرة وغير القانونية التي تتبعها السلطات الإسرائيلية”.
أما جواد صيام، رئيس لجنة سكان وادي حلوة سلوان، والذي كان أحد السكان التسعة الذين قُدم الالتماس باسمهم فقال عقب انتهاء الجلسة: “يعكس وجود حراس المستوطنين لنا انطباعاً أنهم مستعدون للقتل في أي لحظة، فهم في أحيائنا لحماية أمن طرف معين على حساب أمن طرف آخر. على الرغم من أن القضاة وجهوا أسئلة جيدة للحكومة في الجلسة إلا أننا لا نضع أملاً كبيراً على نتائج المحكمة الإسرائيلية”.
للاطلاع على تفاصيل أكثر حول الالتماس يمكن قراءة ملخصه مترجماً إلى اللغة العربية بالضغط هنا.
أو يمكن قراءة الالتماس باللغة العبرية بالضعط هنا.
كما قمنا بإعداد بعض من الأسئلة الشائعة بهذا الخصوص والإجابة عليها عبر هذا الرابط: https://law.acri.org.il/ar/?p=2980