أن نكون بشراً!

 

كتابة: حجاي إلعاد 

قبل عام واحد، صدحت كلمات الشاعر “أفيهو مدينا” “لو كنتُ محظوظًا بأن أطلب من القدر، لطلبت أن أكون إنسانًا” لأوّل مرّة على منصّة مسيرة حقوق الإنسان بصوت المغنية “ليرون راماتي”. كنا محظوظين بهذه الأغنية، لذا طلبنا تحويل “أن أكون إنسانًا” إلى نشيد المسيرة الرسميّ. وفي الفيديو كليب الذي أُعِدّ عشيّة مسيرة هذا العام تغني المغنية “نيطاع ألكيام” أغنية “أن أكون إنسانًا”، بعد أن شَدا بها كلّ من “زوهار أرغوف” وَ “زهافا بين” وَ “ميري ألوني” وآخرون. ومن سيقف على منصّة مسيرة حقوق هذا العام؟ كي تعرفوا الإجابة، يجب عليكم المشاركة في مسيرة حقوق الإنسان والحفل الموسيقيّ (الكونسيرت) في السابع من كانون الأوّل 2012.

  

  

 الحلم بأن نكون إنسانيّين هو حلمٌ مشترك للجميع. جميعنا قَدِمْنا إلى هذا العالم دون أن نُسأل. قَدِمْنا إليه ووجدنا الكثير من الأمور القائمة تقف حائلةً بيننا وبين حلمنا أن نكون إنسانيّين: غياب المساواة وتفشي العنصريّة؛ الكثير من المظالم الاجتماعيّة والاقتصاديّة؛ الفجوات القائمة في مستوى التعليم؛ ومظاهر مختلفة للتمييز تعيق طريقنا. هل وُلدنا لعائلة لاجئين؟ هل نشأنا في قرية بدون روضة أطفال معترَف فيها، أو بدون طريق معبَّدة وبنية تحتية للمياه الجارية؟ هل كبرنا في مجتمع يمكنّنا من المشاركة على قَدم المساواة في قراراته السياسيّة حول مستقبله؟ هل استطاعت العائلة التي اخترنا تأسيسها الحصولَ على خدمات صحّيّة نوعيّة ومتاحة؟ هل عانينا من التمييز، أم تمتّعنا بالمساواة أو ربما كانت حياتنا مُسهّلة بامتيازات حُرم منها العديد من الناس؟ و هل عندما أردنا التعبير عن أفكارنا، تمكنّا من ذلك دون خشية أو وجل؟ هل عانينا من تطبيق اعتباطيّ لـِ “القانون”، أم كان العدلُ من نصيبنا؟

 ثمّة الكثير من المظالم، وكلّ شيء قد أصبح قائمًا. لكن الحلم قائم كذلك. الحلم بأنّ نكون إنسانيّين. وكي نكون بشرًا كاملين ومتساوين، نؤمن بحقوق الإنسان. ليس كمفهوم مجرَّد، ولا كأمر يخصّ الخبراء دون سواهم، ولا كرؤيا بعيدة المنال؛ وإنّما كحقيقة إنسانيّة يمكننا تحقيقها. أن نكون بشرًا لا يعني أنّنا نتنفس الهواء ذاته ونسير على الأرض ذاتها ونتقاسم الوطن ذاته فحسب، بل يعني كذلك – في أساس ما يعني – أن نَحتَرِم حقوق الناس والمجتمعات من حولنا، ونبتغي العيش معاً على قاعدة مفهوم حقوق الإنسان والمساواة والديمقراطيّة. ولا يمكن لأحد منّا أن يكون إنسانًا حقًّا إلاّ إذا حَظِيَ جميعُ مَن حولنا بذلك. عندما يُضطرّ أحدهم إلى التخلّي عن الأدوية، أو لا يتوافر لإحداهنّ سقف يؤويها، فالمعاناة من نصيبهم ولا يشاطرهم إيّاها مَن يمتلكون وسائل الراحة. لكن غياب المساواة التي يتضمّنها هذا الواقع هو من نصيب الجميع. وعندما يكون الواقع على هذه الشاكلة، فحياة جميعنا ناقصة. هذا هو الواقع كذلك عندما يعيش الملايين دون حقوق سياسيّة تحت وطأة الحكم العسكريّ، أو عندما تعاني قطاعات سكّانيّة كاملة من التمييز المنهجيّ، أو عندما يعاني طالبو اللجوء من تنكيل الدولة، أو عندما تقوم هذه الأخيرة بغضّ الطرف عن تجلّيات العنصريّة، أو تقوم بِسَنّ قوانين تمييزيّة وتحريضيّة تجعل مظاهر الاغتراب والظلم والعزل تتفاقم، بدل أن تدافع عن حقوق الإنسان، وتحتفي بكلّ ما هو مشترَك بيننا.

نناضل كلّ عام، وعلى امتداد العام، كي نصبح إنسانيّين وإنسانيّات. في يوم واحد في السنة، في يوم مسيرة حقوق الإنسان نغذّ الخطى معًا: بشرًا متساوين من مجتمعات مختلفة، وكلّنا قَدِمْنا إلى هذا العالم من نقاط انطلاق متباينة، لكنّنا عثرنا على دربنا المشترك. بشر مختلفون نحْنُ لا يتّفقون بالضرورة حول جميع التفاصيل، لكنّنا نؤمن معًا بأنّ حقوق الإنسان تشكّل جزءًا من رؤيا مشتركة، رؤيا واسعة نتحمّل جميعًا مسؤوليّة تحقيقها. وكي نحقّق هذه الرؤيا- الحلم، وكي نشيّد لها أسسًا محلّيّة وتطبيقًا فعليًّا، سنعاود الكَرّة ونسير معًا هذا العام كذلك.

لسنا منهَكين، ولسنا خائبات. ولا نصرّ على [تحقيق] الحُلْم المتمثّل في أن نكون جميعًا بشرًا فحسب، بل نصرّ كذلك على القيام بخطوات فعليّة كي نحقّق الحلم- نمشي معًا في مسيرة حقوق الإنسان.

أن نكون ألوفًا مؤلّفة من البشر الذين يناضلون معًا لصياغة قيم المجتمع الذي نشكّل جزءًا منه، يعني كذلك أن نكون محظوظين ومحظوظات؛ أن نكون رجالاً ونساءً، إنسانيين وإنسانيات؛ أن نكون في مسيرة حقوق الإنسان.

 

إلى اللقاء في السابع من كانون الأوّل!

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: حقوق اجتماعيّة, حقوق الأسرى, حقوق الأقلية العربية, حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة, حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.