تقرير حول وضع الخدمات الاجتماعية في اسرائيل: “بين التطبيق والتجفيف”

يكشف التقرير المنهجيات التي تتبناها حكومات إسرائيل لتقليص الخدمات الاجتماعية

التربية والتعليم والصحة والإسكان والرفاه الاجتماعي ليست منتجات استهلاكية، إنما حقوق اجتماعية أساسية لكل فرد في هذا المجتمع

 

لتحميل ملخص التقرير باللغة العربية الرجاء الضغط هنا (PDF)

أظهر الصيف الأخير الحقيقة التي طالما جرى حجبها لفترة طويلة: “لقد تحوّلت إسرائيل إلى دولة لا ينجح فيها الكثير من المواطنين في ممارسة حقهم الأساسي في العيش الكريم وفي مستوى معيشي لائق”.

للمرّة الأولى أستوعب الكثير من الناس بأن المشكلة لا تقتصر عليهم وعلى ظروفهم الحياتية أو الخيارات التي تبنوها، إنما هي جزء من أمر أكبر من ذلك، وجزء من سياسات حكومية جرت ممارستها عبر سنين طويلة.

أدّت سياسات الحكومات المتعاقبة، التي قدّست تقليص نشاط القطاع العام وتبنّت منهج نقل مسؤولية توفير مجمل الخدمات ( والاجتماعية من بينها) إلى قوى السوق، أدّت إلى تراجع حاد في المسؤولية الملقاة على عاتق الدولة في تطبيق الحقوق الاجتماعية في مجالات مختلفةكالإسكان، والصحة، والتربية، والتعليم، والتشغيل والرفاه الاجتماعي، ودون أن تقدَّم البدائل لمواطني إسرائيل، ودون أن تتوافر لهم إمكانية فعلية لمواجهة التآكل في حقوقهم. شعر الكثير من المواطنين بنتائج هذه السياسات، إذ أفضى “تجفيف” الخدمات الاجتماعية إلى انتهاك حقوقنا، وإلى تعميق الفجوات الاجتماعية على نحو بالغ.

هذه السياسة الحكومية لم تأت بمحض الصدفة، إنّما وُلدت من رحم عقيدة اجتماعية – اقتصادية تنادي بأن تقوم قوى السوق بتنظيم تطبيق الحقوق الاجتماعية. هذا النهج ما زال يمارس في العديد من بقاع العالم، وتحركه قوى وجهات مصلحيّة.

الإجراءات الكفيلة بتطبيق هذه المنهج نُفّذت على نحو متواصل من خلال استخدام مجموعة من الأدوات والسبل: ففي موازاة التقليص في الموازنة، استُخدمت شتّى السبل لتنفيذ عملية خصخصة للكثيـر من الخدمات الاجتماعية. فقد تم وأد جميع المبادرات التي ابتغت إدخال تغييرات تشريعية بغرض المضي بالحقوق الاجتماعية نحو الأمام. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ جرى تجميد الكثير من القوانين التي منَحت حقوقا للسكّان في مجالات عديدة، وذلك من خلال استخدام قوانين التسويات. بعض القوانين الأخرى لم تُطبّق من قبل الحكومات، والتي استخدمت بدورها الكثير من الحيل للتهرب من التنفيذ. جرى كذلك تجنيد المؤسسات القضائية لهذا الغرض، فمَنحت المحاكم الحكومة والكنيست مظلّة قضائية لانتهاك شبكة الأمان الاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك جرى فقد تم تسخير السياسات الضريبيّة في إسرائيل لصالح هذا المنهج الاقتصادي، فقُلّصت نسب الضريبة لصالح القوى النافذة في السوق، بحيثُ ألقي العبء الضريبيّ تدريجياً على كاهل الطبقات الوسطى والفئات المسحوقة في المجتمع. أدى مجمل التقليص الضريبي، والمصروفات الباهظة على العسكرة، إلى تقليص كبير في الميزانيات المعدّة للخدمات الاجتماعية.

يبتغي البحث الحالي عرض الأدوات والمنهجيات التي استخدمتها حكومات إسرائيل للتراجع عن مسؤوليتها في تطبيق حقوقنا الاجتماعية باسم منهج اجتماعي- اقتصادي معين.

وكما برهن التاريخ في العالم – وفي إسرائيل أيضا-، فهذا المنهج مليء بالعيوب والثقوب، وتسبّب في إلحاق أضرار عميقة بجهاز التعليم، والصحة، والرفاه الاجتماعي، وأدى إلى انعدام المسكن القابل التحصيل، وخلق عالم عمالة لا تتوفر فيه أماكن عمل كافية، وأبقى غالبية الجمهور في إسرائيل في مهب التنافس الأهوج، وعرضةً لشروط عمل استغلالية، ورواتب لا تتلاءم مع غلاء المعيشة.

يعيش الجمهور في إسرائيل حالة من الترقب والانتظار لتغيير ملحوظ في سياسات الحكومة. هذا التغيير لن يقاس بالتصريحات والوعود بل بإجراءات عملية على أرض الواقع. على جزء من كبير من هذا التغيير أن يتجسد بالكفّ عن الاستخدام المكثف للأدوات والأساليب التي سنستعرضها في هذا التقرير.

التربية والتعليم والصحة والإسكان والرفاه الاجتماعي ليس منتجات استهلاكية، إنما حقوق اجتماعية أساسية لكل فرد في هذا المجتمع.

على حكومات إسرائيل أن تُبدي مسؤولية اجتماعية وتعود إلى ممارسة واجبها في ضمان توفيـر هذه الحقوق للجميع، وعلى النحو اللائق.

 

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: أشخاص مع محدوديّة, الحق في التربية والتعليم, الحق في الصحة, الحق في العيش الكريم, الحق في المسكن اللائق, الخصخصة, حقوق اجتماعيّة

مفتاح :.

Comments are closed.