مع اقتراب موعد توجه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، والاستعدادات للمظاهرات، تصدر جمعية حقوق المواطن نشرات حقوقية للمتظاهرين توضح حقوقهم مقابل الشرطة والجيش الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالحق في التظاهر وحدوده وطرق التصرف إذا ما تم انتهاك السلطات الإسرائيلية لهذا الحق.
رغم أن القانون الدولي وجمعية حقوق المواطن يعتبران مدينة القدس جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن إسرائيل تطبق عليها القانون الإسرائيلي, وعليه تصدر الجمعية نشرتين مختلفتين لكل من الضفة الغربية والقدس الشرقية وفقا للقانون المطبق على ارض الواقع في كل منطقه. تبتغي كل من النشرتين توضيح حقوق المتظاهرين في الأراضي المحتلّة بحسب الوضع القانونيّ القائم، وتفصيل السبل الممكنة لمواجهة انتهاك الحقوق المذكورة:
تتناول النشرة الحقوقية لمتظاهري القدس الشرقية مواضيع شروط ترخيص المظاهرات – فعلى عكس ما يعتقده غالبية أهالي القدس، ليست جميع المظاهرات بحاجة إلى الترخيص. بالإضافة، تتناول النشرة موضوع تصوير الشرطيين أثناء عملهم – وهو أمر مسموح على عكس ادعاءات أفراد الشرطة عادة، وما العمل حيال تفريق الشرطة مظاهرة قانونية. ومن أهم النقاط الواردة في هذه النشرة:
- متى يسمح للشرطة بتفريق المظاهرة – كون المظاهرة غير مرخصة رغم وجوب ذلك (أي اذا كانت المظاهرة من نوع الاجتماع عام الذي تلقى فيه الخطابات، أو إذا كانت مسيرة يشارك فيها أكثر من 50 شخصا)، أو إذا شكلت المظاهرة خطرا على الجمهور أو كانت عنيفة. أما بالنسبة لاستعمال القوة ضد المتظاهرين، فيسمح للشرطة باستخدام القوة فقط عندما يحاول المتظاهر التملص من الاعتقال أو لغرض تفريق تجمهر يتّسم بالشغب ويهدد سلامة الجمهور. يذكر أن استعمال القوة يجب أن يكون بمقدار ملائم للحيثيات، وأن يقتصر على تحقيق الغاية الذي تم من أجلها.
- التفتيش – يسمح القانون الإسرائيلي للشرطي أن يجري تفتيشا خارجيا على جسد المعتقلين، إلا أن غالبية حالات التفتيش التي يتعرض لها سكان القدس تكون من نوع “التفتيش غير المشروط بالاعتقال”. توضح النشرة أن تفتيشا كهذا يجب أن يتم على النحو الذي يضمن الحفاظ على كرامة الإنسان، خصوصيته، وصحته، فلا يحق، على سبيل المثال، إجراء التفتيش الذي يشمل كشف أجزاء من الجسد على مرأى من العامة.
- التوقيف والاعتقال – توضح النشرة أن الفرق بين التوقيف والاعتقال هو أنه يمكن للتوقيف أن يُنفّذ ميدانيًّا، لكن حين يُعتقل فرد ما، على الشرطيّ أن يقتاده فورًا إلى مركز الشرطة، إلاّ في الحالات الاستثنائيّة. كما يمكن للتوقيف أن يتواصل لـثلاث ساعات، أمّا الاعتقال فيمكن له أن يستمرّ لمدّة ثلاثين يومًا. بالإضافة، توضح النشرة حقوق المعتقلين والموقوفين، ومن بينها الحق بتبليغ شخص قريب ومحام بأمر الاعتقال والحق بالحصول على محام من قبل المرافعة العامة.
أما في النشرة الحقوقية للفلسطينيين في الضفة الغربية، فتشدد على حق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في التظاهر، رغم اعتبار الجيش الإسرائيلي لغالبية هذه المظاهرات غير قانونية فأنه وبحسب قانون حقوق الإنسان الدولي يتوجّب على القوّة المحتلّة تمكين سكان المنطقة الواقعة تحت الاحتلال من التظاهر. وتوضح النشرة ضرورة امتناع القوات الإسرائيلية عن انتهاك هذا الحق كما هو الأمر خلال المظاهرات المناهضة للجدار في بلعين ونعلين والنبي صالح وغيرها. ومن المواضيع المذكورة، هنالك الحق في تصوير المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، والتحقيق وحقوق المعتقلين – كحقهم بمعرفة سبب اعتقالهم، ومعلومات حول المؤسسات التي يمكن التوجه إليها للمساعدة والتوجيه. ومن أهم النقاط التي وردت في هذه النشرة:
- وسائل تفريق المظاهرات – ينصّ المبدأ على أنه حتّى عندما يُسمح لقوّات الأمن بتفريق مظاهرة ما بالقوّة، فعلى هذه القوّة أن تُستخدم في الحدّ الأدنى الضروريّ لتنفيذ المهمّة. فيمنع إطلاق الرصاص الحي إلا في حالات تهديد حياة أفراد الجيش أو عند إطلاق النار في الهواء للتحذير، ومثله رصاص الطوطو والرصاص المعدني المغطى بالمطاط. وتشمل النشرة تفصيلا لقواعد استخدام هذه الوسائل وغيرها، كالغاز المسيل للدموع.
- إعلان منطقة عسكرية مغلقة – تشرح النشرة قواعد إعلان منطقة عسكرية مغلقة وكذلك من يملك تلك الصلاحية. إضافة إلى ذلك، تنصح النشرة بالتأكّد من أنّ المرسوم/الأمر يتطرّق إلى المنطقة المعيّنة التي تتواجد فيها، وأنّه ساري المفعول، وأيضا توثيقه عن طريق التصوير على سبيل المثال.
- الاعتقال والتحقيق – تشمل النشرة توضيحا لتعريف التوقيف والاعتقال، ومتى يسمح بهما وما هي حقوق المعتقلين والموقوفين، كالحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على العلاج الطبي في وقت الحاجة، والحق في تبليغ شخص قريب ومحام بأمر الاعتقال.
بالمقابل، فقد قامت جمعية حقوق المواطن بإرسال توجهات عاجلة إلى السلطات الإسرائيلية، ومن ضمنها رئيس الحكومة، ووزير الأمن، والشرطة، والجيش وحرس الحدود ووزارة الصحة، مطالبة إياهن بالامتناع عن انتهاك حق المتظاهرين الأساسي في التعبير عن الرأي وإفساح المجال بتنفيذ حق في التظاهر. إضافة إلى الامتناع عن استخدام القوه المفرطة في تفريق المظاهرات إن لزم الأمر ذلك. كما طالبت الجمعية السلطات بالاستعداد مسبقا وإرشاد قواتها حول كيفية التعامل مع المتظاهرين بشكل يضمن سلامتهم والحفاظ على حقوقهم.
وتطرقت الجمعية في توجهاتها هذه إلى القلق الكبير الذي يعتريها إزاء تصرف قوات الأمن الإسرائيلية مقابل المتظاهرين الفلسطينيين، ومن السياسة التي توجه هذا التصرف والأوامر التي تعطى لهذه القوات. وتوضح أن هذا القلق ينبع من حقيقة فشل القوات الإسرائيلية في التعامل مع المتظاهرين الفلسطينيين في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، ومن المساس الفادح بحياة المتظاهرين في أحداث النكبة والنكسة من هذا العام، سواء في القدس الشرقية أو الضفة الغربية أو الحدود اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك، فقد طالبت الجمعية وزارة الصحة بالحفاظ على حياة الفلسطينيين، وذلك بالامتناع عن تقييد حركة سيارات الإسعاف والعمل على التنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني.
وقد عقبت المحامية نسرين عليان، مديرة مشروع حقوق الإنسان في القدس الشرقية في الجمعية، قائلة: “نظرا لأهمية الحق في التعبير عن الرأي والحق في التظاهر، ونظرا لانتماء سكان القدس الشرقية إلى الشعب الفلسطيني بأكمله، فإننا نطالب السلطات الإسرائيلية بعدم سلبهم الحق في تنظيم المظاهرات والمسيرات – مؤيدة كانت أم مناهضة لإعلان الدولة الفلسطينية. كما نطالب قوات الأمن بالامتناع – قدر المستطاع – عن استخدام القوة ضد المجتمع المدني، وفي حال لزم الأمر ذلك، فاستخدامها حسب القانون ليس إلا.”
أما المحامية رغد جرايسي من مشروع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، فقد عقبت قائلة: “إن إسكات وقمع المظاهرات في الأراضي المحتلة بالقوة أمر مرفوض وغير ممكن، بصفتها من أنواع الاحتجاج الجماهيري الشرعي. يندرج الحق في التظاهر والحق في التعبير عن الرأي ضمن حقوق الإنسان التي يعترف فيها القانون الدولي، وعلى السلطات الإسرائيلية أن تحترمهما وتمتنع عن المساس بهما.”
للمزيد:
نشرة حقوقية للمتظاهر/ة في الأراضي المحتلة
نشرة حقوقية للمتظاهر/ة في القدس الشرقية