تعريف الدولة كيهودية في الدستور يتعارض مع اسس الديموقراطية

الدستور هو وثيقة اعلى مستوى من التشريع العادي الذي تستطيع غالبية عادية تغييره، وهو الوثيقة المركزية التي تضمن مجمل الحقوق في الدولة، والتي تحدد الإطار للحياة المشتركة لجميع المواطنين. وعليه يجب التعامل بمسؤولية كبيرة وتوخي الحذر لدى انتقاء كل كلمة في هذه الوثيقة. الى جانب الأهمية العملية للدستور، فهي وثيقة ذات فاعلية خطابية وتربوية قادرة أن تؤثر على الأجواء العامة في الدولة، ومن هنا يأتي الإهتمام الكبير في نص الدستور

بناءً على ما تقدم تؤكد جمعية حقوق المواطن أنه يتوجب الإمتناع وبشكل قطعي وتام عن أي تعريف في الدستور الذي يمكن أن يتناقض مع أحد ركائز الديموقراطية ألا وهو الحق في المساواة بين جميع المواطنين، بدون فرق في القومية او الدين او الأصل العرقي.

الجمعية تدرك اهمية حق الشعوب في تقرير مصيرها، هذا الحق المعترف به في المعاهدات الدولية والقانون الدولي. في الوضع القائم في منطقتنا وفي ظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن الجمعية، كمنظمة حقوق انسان لا تتماهى مع هذه الحركة القومية أو تلك، لا ترى مكانا للتعبير عن موقف من التسوية السياسية والدستورية المناسبة، ضمن التسويات المتباينة والممكنة، والذي يمكن أن يؤدي الى ممارسة هذا الحق للشعبين.

وبالرغم من موقف الجمعية المساند, على الصعيد المبدئي, لأهمية تبني دستور لحماية حقوق الإنسان, ترى جمعية حقوق المواطن إشكالية كبيرة بتبني دستور ديموقراطي لإسرائيل في هذه الحقبة التاريخية, لان دولة إسرائيل لا تزال تفرض حكم إحتلال عسكري على الملايين من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة, بعد أن سُلبت حقوقهم بالتمتع بحقوق مدنية أساسية.

وبالرغم من تحفظ جمعية حقوق المواطن من قضية تبني دستور لإسرائيل في هذه الظروف, قررت الجمعية بأن تتخذ موقفا من قضية تعريف الدولة كدولة “يهودية وديموقراطية” لان النقاش حول الدستور وحول تعريف الدولة أصبح متداولا في الكنيست وفي أطر أخرى, وذلك من أجل التأثير على هذه النقاشات. فيما يلي موقف الجمعية:
1.الإقتراح بتعريف الدولة “كدولة يهودية” من خلال بند ملزم في الدستور هو إشكالي بالمستوى المبدئي والعملي:

أ. مجرد تعريف الدولة في الدستور كدولة يهودية يخلق مبنى هرمي (هيرارخيا) بين المواطنين اليهود – “أصحاب” الدولة – وبين المواطنين من غير اليهود – الذين لا “تتبع” لهم الدولة – لذا يقصي هذا التعريف المواطنين غير اليهود ويميّز ضدهم حتى لو كان هذا التمييز بالمستوى التصريحي.

ب. المصطلح “دولة يهودية” ( كما هو الحال بالنسبة لصياغات مماثلة لهذا المصطلح: “دولة اليهود”, “دولة الشعب اليهودي” والخ) هو مصطلح مبهم وله مدلولات مختلفة. فإدراجه كبند ملزم في الدستور يفسح المجال وبصورة خطيرة لتبرير سياسات التمييز وسياسات عنصرية تجاه كل من هو ليس يهودي, وهو يثير المخاوف بأن يتم إرضاخ مجمل حقوق الإنسان لتعريف الدولة كدولة يهودية, من خلال الإستناد على هذا التعريف لتبرير الحماية غير المتساوية لحقوق المواطنين. فالتمييز التاريخي الذي تعانيه الأقلية الفلسطينية على أرض الواقع يشدد المخاوف بأن يتم إستخدام هذا التعريف للدولة للمس بمن يُنظر اليهم كتهديد ليهودية الدولة – أي المواطنون العرب.

2. ترى الجمعية أنه من الأنسب أن يتطرق الدستور الى أن دولة إسرائيل أقيمت لتحقيق رغبة الشعب اليهودي بتقرير المصير وأن هذا الحق قد تم تحقيقه فعلا بدولة إسرائيل. لكن بالمقابل, يجب الإعتراف بالحق الكياني لمواطني الدولة أبناء الشعب الفلسطيني وبحقهم في المساواة التامة والدفاع عن وجودهم وحقوقهم كأقلية وطن (أصلانية – Indigenous). وترى الجمعية بأن العلاقة بين الدولة والقومية يجب أن تأتي في ديباجة الدستور وليس كبند ملزم فيها – كما هو الحال في دساتير الدول الديموقراطية.

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: الحق في اللغة والثقافة, العنصرية, حقوق الأقلية العربية

مفتاح :.

Comments are closed.