التقرير السنوي لجمعية حقوق المواطن يكشف عن أكثر العمال المنتهكة حقوقهم

لمناسبة يوم حقوق الإنسان العالمي الذي يصادف اليوم، العاشر من كانون الثاني في كل سنة، أصدرت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل تقريرًا شاملاً، هو الأول من نوعه، حول سوق العمل في إسرائيل، من خلال تحليل قانوني لحقوق العمّال. كتبت التقرير المحامية ميخال تيجار.

ويشير التقرير إلى أن التغييرات الكثيرة التي طرأت في السنوات الأخيرة على الإقتصاد الإسرائيلي، بعضها متأثرة بالإقتصاد العالمي، زادت من المس في حقوق العمال. ففي الآونة الأخيرة أصبح العمال بالنسبة لمشغليهم وسيلة لزيادة الربح لا أكثر. وجاء في التقرير أن الحكومة الإسرائيلية تشجع، من خلال قراراتها وفشلها المتكرر، انتهاك حقوق العمال في سوق العمل الإسرائيلي، وعلى رأسهم مجموعات العمال الذين ينتمون إلى مجموعات مهمشة أصلا؛ كالعمال العرب والقادمين الجدد والفلسطينيين والجيل الشاب والنساء والعمال البالغين في السن والنساء والفلسطينيين والعمال الأجانب. ويتم استغلال هؤلاء المجموعات من خلال استعمال أنماط تشغيل تمس في حقوق الإنسان وحقوق العمال. ويشير التقرير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تشرعن المس في حقوق العمال، حيث أن القوانين التي من المفروض أن تحمي حقوق العمال في اسرائيل لا تتلاءم وواقع سوق العمل والتغييرات التي طرأت عليه من جهة، ومن جهة أخرى فإن محاكم العمل لا توفر الحماية المطلوبة للعمال وحقوقهم المهضومة.

يفصل التقرير المس في حقوق العمال ويتضمن على أمثلة لهذا المس المتزايد والتغييرات التي طرأت على سوق العمل في إسرائيل، وفشل السلطات في توفير الحماية القانونية للعمال. ويعرض التقرير أيضًا توصيات عملية، من شأنها أن تحسن شروط العمل.

يذكر أن جمعية حقوق المواطن في إسرائيل تحيي في كل عام أسبوع حقوق الإنسان، ابتداءً من العاشر من كانون الأول، وهو كما ذَكر سابقًا اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي قامت الأمم المتحدة بالإعلان عنه في العام 1948 بعد أن وضعت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وستنظم الجمعية عدّة فعاليات في حيفا وأم الفحم وتل-أبيب لإحياء هذا الأسبوع. كذلك ستعقد جلسات في لجان الكنيست الإسرائيلي للنظر في قضايا تتعلق بالمس في حقوق الإنسان وإلى مقابلات وتقارير في وسائل الإعلام العربية والعبرية حول قضايا حقوق الإنسان.

فيما يلي أهم ما جاء في التقرير:

تحت عنوان “العمل من دون كرامة: حقوق العمال وانتهاكها” أصدرت جمعية حقوق المواطن تقريرها السنوي الذي خصصته هذا العام لقضايا حقوق العمال والمس التزايد بها في السنوات الأخيرة. وجاء في التقرير أن عدم ملاءمة قوانين العمل التي وضعت أصلا لحماية العمال وحقوقهم للمستجدات التي طرأت على سوق العمل في السنوات الأخيرة. ويشير التقرير إلى أن عدم إدخال التعديلات على هذه القوانين وعدم سن قوانين جديدة يودي في نهاية المطاف إلى استغلال العمال وتحويلهم إلى “سلعة”، بدلا من تمكينهم من كسب لقمة العيش بكرامة والحصول على معاملة عادلة تحترم حقوقهم. وكتبت التقرير المحامية ميخال تجر من جمعية حقوق المواطن.

ويتطرق التقرير بتوسع للقوالب والسبل والطرق التي يتم بواسطتها المس في حقوق العمال. كذلك يشير التقرير إلى المجموعات الأكثر تعرضًا إلى المس في حقوق العمال المنتمين إليها، وإلى الفشل في تطبيق قوانين العمل وفي حماية حقوق العمال. ويسرد التقرير قصصًا لعمال انتهكت حقوقهم، وأحداث جرت في محاكم العمل. كذلك يتضمن التقرير في نهايته على توصيات عملية من شأنها تخفيف انتهاكات حقوق العمال وتغيير الوضع القائم، وفيما يلي أهم ما جاء في التقرير:

  • الأقلية العربية في إسرائيل هي من المجموعات الأكثر تعرضًا لانتهاكات لحقوقها في مجال العمل. هذا إلى جانب مجموعات مهمشة أخرى تعاني من المس في حقوق العمل، كالنساء والبالغين في السن والشباب والقادمين الجدد والفلسطينيين وذوي الإحتياجات الخاصة. يعاني كل هؤلاء من البطالة ومن الأجور المتدنية ومن عدم المشاركة في سوق العمل، وهذا بسبب النقص في البنى التحتية والتمييز في القبول للعمل والتمييز في شروط العمل فيما بعد.
  • ويدعم التقرير الإدعاء القائل بأن العالم الإقتصادي الذي تسوده اليوم مصطلحات كـ “المنافسة الحرة” و”التحسين” و”قوى السوق” وضع العمال هو الأسوأ على الإطلاق، وأن ضعف العمال ما هو إلا جزء من الرؤيا الإقتصادية التي تعتبر العمال وسيلة لتحقيقها. وتتمثل هذه الرؤيا في خلق أنماط مختلفة من المس في حقوق العمال، وفي عدم توفير الحماية الكافية لحقوق العمال وفي رفع احتمالات استغلال العمال الضعفاء.
  • تندرج حقوق العمال في أسفل سلم الأولويات في جميع المراحل التي تمر بها الشركات الكبيرة. فعندما تُباع شركة، على سبيل المثال، يفصل العمال، ويتم إبطال الإتفاقيات الجماعية. إن السبيل الوحيد لحماية حقوق العمل هو وجود نقابة عمال قوية. في المقابل، يشير التقرير إلى أن نسبة العمال المنظمين في نقابات العمال انخفض من 85% في الثمانينيات إلى 35% في عام 2003.
  • تطورت في السنوات الأخيرة أنماط عمل تتيح المجال للمس في حقوق العمال: تشغيل العمال في وظائف جزئية: 145 ألف عامل يعمل في وظيفة جزئية لأنهم لم يجدوا وظائف كاملة. أصبح العمل المؤقت وسيلة للمس في حقوق العمال، فيتم قبول كثير من العمال على أنهم مؤقتين، ويبقون تحت هذا التعريف لشهور أو لسنوات، لا يحصلون خلالها على الحقوق الإجتماعية الممنوحة للعمال الدائمين.
  • آيشير التقرير إلى أن حوالي 10%- 20% من العمال لا يحصلون على وثائق الأجور، وهم غير مسجلين كعمال في مؤسسة التأمين الوطني ولا يتلقون أيًا من الحقوق الإجتماعية كمخصصات الولادة ومخصصات البطالة وتعويضات الفصل وتعويضات حوادث العمل وغيرها من الحقوق.
  • يشدد التقرير على أن المشغلين يلجأون في كثير من الأحيان إلى استئجار خدمات أشخاص لفترات مؤقتة أو لمشاريع محددة، من أجل توفير النفقات. كذلك يلجأ المشغلون إلى تشغيل عمال بواسطة شركات أيدي عاملة، التي بدورها تتيح الفرصة للمس في حقوق العمال. ويشير التقرير إلى أن ما يقارب 10% من العمال في إسرائيل يعملون على أساس مؤقت أو عن طريق شركات أيدي عاملة، مقارنة مع نسبة 2% في أوروبا.
  • يواجه العمال صعوبات جمة في السنوات الأخيرة في تنظيم أنفسهم من أجل حماية حقوقهم، وذلك بسبب الإنتقال من اتباع الإتفاقيات الجماعية إلى الإتفاقيات الشخصية وبسبب التقييدات الشديدة على الحق في الإحتجاح والإضراب.
  • انتهاك قوانين العمل تحولت في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة واسعة الإنتشار:
  • – بين 50% – 70% من العمال يتلقون أجرًا أقل من الأجر الأدنى الوارد في القانون. ويتم الإحتيال على القانون من خلال تقديم تقارير ساعات عمل مزيفة، و/أو تشغيل العمال كمتدربين، لدعم ادعاءاتهم بأنهم (أي العمال) لا يستحقون أجرًا كاملا.
    – لا يتلق الكثير من العمال أجرًا مقابل الساعات الإضافية ومقابل العمل في أيامات السبت، ولا تمنح لهم عطلة أسبوعية، كما ينص القانون.
    – انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة التأخير في دفع الأجور، مما يتناقض والمادة الواردة في القانون. كذلك يصدر المشغلون وثائق أجور مزيفة، يتم إصدارها على أسم أشخاص آخرين، حتى يعفي المشغل نفسه من توفير الحقوق الإجتماعية للعمال، والحقوق المتعلقة في الأقدمية في العمل.
    – يحجم المشغلون عن تزويد العمال بمعلوماتم حول حقوقهم وشروط عملهم.
    – يُفصل العمال من دون أن تمنح لهم تعويضات الفصل وأحيانًا يرفض المشغل اصدار ورقه تثبت أن العامل فُصل عن عمله.
    – يمس المشغلون في كرامة العمال وخصوصيتهم من خلال المعاملة المهينة. ويتدخل المشغلين في شؤون طالبي العمل في المقابلات التي تجرى معهم من خلال سؤالهم عن أمور شخصية لا علاقة لها بالعمل، وجعلهم يوقعون على أوراق يتنازلون فيها عن حقهم في معرفة نتيجة الإمتحانات التي تُجرى في المعاهد المختلفة لغرض فحص ملاءمتهم للعمل.

  • تسهل مسألة عدم تطبيق قوانين العمل انتهاك حقوق العمال، فهنالك 22 مفتشا مسؤولين عن متابعة تطبيق قوانين العمل، من بينهم 4 مختصين في تطبيق قوانين العمل في أيامات السبت و18 فقط مسؤولين عن متابعة تطبيق باقي قوانين العمل. في المقابل هنالك 24 مليون عامل في إسرائيل، يعاني جزء كبير منهم من انتهاكات لحقوقهم. في نيابة الدولة هنالك 5 محامين مسؤولين عن تطبيق قوانين العمل قاموا بتقديم 200 لائحة اتهام فقط في السنة، أغلبهم بحق مشغلين قاموا بتشغيل عاملين أجانب، وعدد بسيط من لوائح الإتهام قُدم بتهمة انتهاك الحقوق التي تحمي العمال.
    وجاء في التقرير أن الغرامات الإدارية الملقاة على المشغلين الذين يخرقون القانون قليلة جدًا، ومبالغ هذه الغرامات قليلة، وليس بمقدورها ردع المشغلين، مقابل الأرباح التي يجنوها من المس في حقوق العمال.
  • الجهاز القانوني:
  • – يجد العمال صعوبة بالغة في تقديم الدعاوي في المحاكم لشؤون العمل، لأن الأمر معقد جدًا وبسبب فترة التقادم القصيرة، التي تسري على مخالفات قوانين العمل (فترة تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات في أحسن الأحوال(.
    – يجد الكثير من العمال الذين ينتمون إلى المجموعات المستضعفة الدفاع عن أنفسهم في محاكم العمل بسبب صعوبات في اللغة، في حين لا يستطيعون أن يستأجروا خدمات محام، لأن أجر المحامي قد يصل أحيانًا إلى نصف مبلغ التعويضات المطلوب في الدعوى.
    – تميل محاكم العمل إلى عدم القاء جميع العقوبات التي تنص عليها قوانين العمل على الشغلين، وذلك يضعف من قوة ردع المشغلين عن انتهاك حقوق عمالهم. كذلك تنتهي أغلب دعاوي العمل عندما يصل الأطراف اتفاقًا، ولا تقوم المحكمة بإصدار قرارات مبدئية فيها، وأحيانًا يشجع القضاة اتفاقيات، حتى وإن كانت تمس بوضوح بحقوق العمال.
    – تقع مسؤولية اثبات المس في حقوق العمال على العمال أنفسهم، وهذا كثيرًا ما يشكل عائقًا أمامهم في المحاكم.فعلى سبيل المثال، إن توجه العامل للمحكمة بعد أن رفض مشغله أن يمنحه أجرا على الساعات الإضافية، على العامل تزويد المحكمة بتقرير يومي حول ساعات عمله منذ أن بدأ إلى أن قدم الدعوى. عليه أيضًا أن يثبت بأن الساعات الإضافية التي أوردها كانت ضرورية لإتمام المهام الملقاة عليه وأن مشغله طلب منه أن يعمل في هذه الساعات.

    توصيات

    يتضمن الفصل الأخير من التقرير على توصيات، ستمكن، إن تم تطبيقها، من تحسين ظروف عمل العمال وحماية لحقوقهم:

  • في مجال السياسة والتشريع:
  • – عدم الربط بين فترة العمل والأقدمية في العمل وبين ظروف العمل. ومن الأمور العينية التي طرحا التقرير هو منح كل عامل حقوق رفاهية يمكن أن ينقلها معه إن انتقل إلى مكان عمل آخر.
    – سن قانون ينص على أن مؤسسة جماهيرية لا تستطيع التعامل مع شركة مقاولة مست في الماضي في حقوق العمال المنصوص عليها في القانون.
    – فرض مسؤوليات على المؤسسات الجماهيرية التي تستخدم خدمات شركات المقاولة بخصوص حقوق العمال (قام منتدى المؤسسات لتطبيق حقوق العمال، وجمعية حقوق المواطن عضوة فيه، في تقديم اقتراح قانون في هذا الصدد في الكنيست).
    – إلقاء عقوبات شديدة على مخالفي القانون “المنتظمينفي المجالات التي تتطلب الحصول على رخصة من الدولة، مثل خدمات الحراسة والأمن.

  • تطبيق القوانين الموجودة اليوم
  • – انزال أشد العقوبات التي ينص عليها القانون بمخالفيه، وعلى رأسهم المشغلين الذين يتأخرون في دفع الأجور والرواتب، والذين لا يدفعون الأجر الأدنى الوارد في القانون.
    – تحويل المشغل مسؤولا عن إثبات ساعات العمل.
    – إجراء تغييرالت تنظيمية في وزارة العمل، وتطبيقًا مكثفًا للقانون.
    – استغلال مراحل الحصول على تصاريح عمل لشركات (مثل شركات الحراسة وشركات الأيدي العاملة) كوسيلة لمراقبة تطبيق القانون.

  • توسيع شبكة الحماية التنظيمية:
  • – تشجيع العمال على تنظيم نقابات عمال والانضمام إليها.
    – توفير الحماية لجميع العمال بواسطة الحماية الجماعية، ومساواة العمال الأعضاء في لجان عمال وهؤلاء الغير أعضاء (على سبيل المثال، التوقيع على إتفاقيات جماعية قطرية، تضمن حقوق جميع العمال في إسرائيل، بما فيهم هؤلاء الذين لا يملكون نقابة عمال).

    Share and Enjoy:
    • LinkedIn
    • Twitter
    • Facebook
    • Print
    • email

    קטגוריות: النقب, حقوق الأقلية العربية, حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة, حقوق مدنيّة

    مفتاح :.

    Comments are closed.