اعتقال متظاهرين في اللد والتحقيق معهم

توجهت جمعية حقوق المواطن، بتاريخ 31.7.06، إلى المستشار القضائي للحكومة بشأن اعتقال متظاهرين والتحقيق معهم في شرطة مدينة اللد، حيث شاركوا في مظاهرة احتجاجية ضد سياسة الحكومة والحرب في لبنان. كانت الشرطة ذاتها قد صادقت في الجلسة على أنه قد تم الحفاظ على النظام العام في المظاهرة، وأن سبب الاعتقال هو مضمون الهتافات التي أطلقت في المظاهرة.

حضرة
السيد ميني مزوز
المستشار القضائي للحكومة
شارع صلاح الدين 29
القدس

تحية طيبة وبعد،

الموضوع: اعتقال متظاهرين في اللد والتحقيق معهم

نتوجه إليك بشكل مستعجل، بشأن اعتقال متظاهرين في شرطة مدينة اللد والتحقيق معهم، حيث شاركوا في مظاهرة احتجاجية ضد سياسة الحكومة والحرب في لبنان. لمزيد أسفنا، هذه هي ليست المرة الأولى ولا الثانية التي تقوم فيها شرطة مدينة اللد باعتقال متظاهرين والتحقيق معهم بشبهة تنفيذ مخالفات جسيمة مثل التحريض والدعوة إلى التمرد، دون أي ركيزة قانونية و/أو ثبوتية. هذه الحادثة، كما هو مفصل أدناه، التي تنضم إلى سلسلة طويلة من الأحداث المشابهة، التي شرعت شرطة اللد فيها بإجراءات جنائية تثير السخط ولا حاجة إليها على الإطلاق، تبين لنا أن أفراد شرطة اللد يفسرون تعليمات القانون بشكل تشوبه العيوب، فيما يتعلق بإقامة مظاهرة واحتشاد وكذلك الصلاحيات الممنوحة لهم وفق هذه التعليمات. من الصعب، في ظروف هذا الحادث، التحرر من الانطباع بأن اعتبارات غريبة من الانتماء القومي و/أو الآراء السياسية هي التي أدت إلى اعتقال متظاهرين، التحقيق معهم وتقديمهم للمحاكمة، كانوا قد شاركوا في نشاطات احتجاجية في مدينة اللد. إن التصرف الذي تنتهجه شرطة مدينة اللد، في هذا السياق، يمس مسا بالغا بالحق الدستوري في حرية التعبير وحرية التظاهر.

المظاهرة، المتظاهرون، الاعتقال والتحقيق

بتاريخ 23.7.06، قام عشرات المواطنين من سكان مدينتي الرملة واللد، من العرب واليهود، بالتظاهر في الميدان المركزي في مدينة اللد ضد الحرب في لبنان. رفع المتظاهرون لافتات وهتفوا بهتافات ضد الحكومة وضد عمليات الجيش في لبنان. لقد صادقت الشرطة مسبقا على إجراء المظاهرة. تم منح التصريح لمدة 3 ساعات، ابتداء من الساعة 17:00، غير أن الشرطة قد قامت، خلال المظاهرة، بإبلاغ منظمي المظاهرة بتقصير وقتها لساعة ونصف.

جرت المظاهرة من دون أي إعاقة لحركة المرور أو أي خرق للنظام العام، ومن دون تسجيل أية أحداث استثنائية خلالها. استجاب منظمو المظاهرة لكل طلبات وتعليمات الشرطة خلال المظاهرة. من بين أمور أخرى، طلبت الشرطة من المتظاهرين تقصير مدة المظاهرة إلى ساعة ونصف الساعة، ووقف استخدام مكبرات الصوت والكف عن هتافات معينة. كما ذكرنا أعلاه، استجاب منظمو المظاهرة لكل الطلبات، رغم أن بعضها قد أصدر من دون صلاحية قانونية ومن دون واجب التقيّد بالقانون. يجدر الذكر أن حضور الشرطة في المظاهرة كان مكثفا. لقد طوق حوالي 20 شرطيا وخمس سيارات دورية شرطية المتظاهرين منذ بداية المظاهرة وحتى تفرقها في الساعة 18:30. إذا كانت هناك أي عرقلة لحركة المرور، فقد نتجت هذه العرقلة عن الحضور المكثف لرجال الشرطة، الذين أوقفوا سيارات الدورية الشرطية، من دون أية حاجة وبشكل مستغرب، في أحد مسارات حركة المرور.

فور انتهاء المظاهرة، وبعد أن بدأ المتظاهرون بالتفرق، أخذ رجال الشرطة بطاقتي هوية اثنين من المشاركين في المظاهرة، وهما الدكتور كمال طنوس والسيد جمال سلامة، وطلبوا منهما التوجه إلى مركز الشرطة لاسترجاع البطاقتين. تم احتجاز متظاهر ثالث للتحقيق معه، وهو السيد يوآف غولدرينغ، وأدخل إلى سيارة الشرطة بالقوة، ونقل إلى مركز الشرطة في مدينة اللد. تم التحقيق مع السيد غولدرينغ في الشرطة وأطلق سراحه بظروف مقيّدة شملت، من بين أمور أخرى، كفالة ذاتية وإبعاد عن مدينة اللد لمدة 15 يوما.

توجه السيد سلامة والسيد طنوس، وفق طلب أفراد الشرطة، إلى مركز الشرطة في اللد بهدف استرجاع بطاقتي هويتهما، ولكن فور وصولهما تم القبض عليهما هناك والتحقيق معهما لمدة طويلة. تم التحقيق مع كليهما بالأساس حول مضامين المظاهرة وحول آرائهما السياسية، وكذلك حول الهتافات التي أطلقت في المظاهرة، مثل: “كل وزراء الحكومة هم مجرمو حرب”، “بالروح، بالدم نفديك يا فلسطين”، “وزير الدفاع، كم طفل قتلت حتى اليوم”. رفضت الشرطة إطلاق سراحهما من التوقيف غير القانوني، إلا بشروط مقيّدة، من بينها توقيف منزلي وإبعاد عن اللد والرملة لمدة 15 يوما. بعد نقاش طويل وافقت الشرطة على إطلاق سراح السيد طنوس بظروف أقل تقييد، ومن بينها كفالة طرف ثالث وتوقيف منزلي لمدة 15 يوما. أما بالنسبة للسيد سلامة، فقد بقي موقوفا، وقد قدمت الشرطة، غداة ذلك اليوم، طلبا لإصدار أمر توقيف بحقه في محكمة الصلح في الرملة (لاحقا – الطلب).

في إطار مناقشة الطلب، طلبت الشرطة إطلاق سراح السيد سلامة بظروف التوقيف المنزلي الكامل لمدة 30 يوما، على أن يكون بعيدا عن اللد والرملة. كما وطلبت الشرطة، أنه في إطار شروط إطلاق السراح، يتم اتخاذ قرار بمنع المشتبه به من المشاركة في المظاهرات في هذه الفترة. أدعي في طلب التوقيف أن السيد سلامة متهم “بخرق النظام العام وبتصرف من شأنه إلحاق الخطر بسلامة الجمهور، كما واتهم بعدم الانصياع لأوامر شرطي والتحريض والدعوة إلى التمرد”. فور انتهاء النقاش، وبعد أن اقتناع القاضية إستر نحليئيل-خياط بأنه لا مكان لتوقيف السيد سلامة، وبعد أن قالت أنه “يبدو أن الطلب المقدم إليها يعود إلى مواقف سياسية”، أمرت بإطلاق سراحه بعد توقيعه على التزام ذاتي بمبلغ 5,000 شيكل جديد (مرفق بهذا بروتوكول الجلسة وقرار المحكمة بشأن الطلب).

انعدام وجود حجة اعتقال وتحقيق

صادقت الشرطة في إطار النقاش على أنه قد تم الحفاظ على النظام العام في المظاهرة، وأن سبب الاعتقال هو مضمون الهتافات التي أطلقت في المظاهرة. فعلى سبيل المثال، قال ممثل الشرطة، عند رده على استجواب موكل المتهم، لماذا لم يتم وقف المظاهرة في أية مرحلة رغم ادعاء الشرطة بوجود خرق للنظام العام: “قلت في مستهل أقوالي أنه قد أطلقت هناك هتافات ولم تتخللها مشاغبات. إن الهتافات التي أطلقت هناك كان من الممكن تلحق الخطر بالسلامة العامة، وإنها لحقيقة أن هناك شخص محايد، غير متعلق بالشرطة ولا بالمتظاهرين، قد ضايقته هذه الهتافات”. كما وصادق ممثل الشرطة في النقاش على أن منظمي المظاهرة قد تعاونوا مع الشرطة واستجابوا لطلباتها خلال المظاهرة، وأنه لم يكن لدى الشرطة سبب في إصدار أمر بوقف المظاهرة وتفريق المتظاهرين قبل الموعد المخطط لانتهاء المظاهرة. كما ذكرنا آنفا، انتهت المظاهرة دون تسجيل أي أحداث استثنائية خلالها ومن دون خرق النظام العام بأي شكل من الأشكال.

يستنتج من ذلك إذن أنه لم تكن هناك حاجة إلى تدخل الشرطة خلال المظاهرة. في مثل هذه الحالة الثبوتية، لا مكان للادعاء بأن تصرف المتظاهرين، أو مجرد إجراء المظاهرة، كان ليلحق الخطر بسلامة الجمهور، ومن المؤكد أنه لم يتوفر لدى رجال الشرطة الذين تواجدوا في المكان أي أساس للتخوف من خرق النظام العام أو من ارتكاب مخالفة جنائية أيا كانت. ينتج من هنا أن اعتقال المتظاهرين والتحقيق معهم قد تمّا بسبب الهتافات الاحتجاجية التي أطلقت ضد الحكومة وضد الحرب في لبنان. غير أن هذه الهتافات لم تكن كافية، بحد ذاتها، لبلورة أسس المخالفة الجنائية وفق القانون الإسرائيلي.

ينبع اعتقال المتظاهرين والتحقيق معهم في هذه الحالة (وفي حالات كثيرة أخرى) من الفهم غير السليم من قبل أفراد مركز شرطة اللد لبنود المخالفات التي يُشتبه بارتكابها من قبل المتظاهرين. تطرق ممثل الشرطة، خلال جلسة مناقشة طلب التوقيف، إلى الهتافات التي أطلقت في المظاهرة والتي أدت إلى اعتقال المتظاهرين، ومن بينها: “كل وزراء الحكومة هم مجرمو حرب”، “وزير الدفاع، كم طفل قتلت حتى اليوم”. كل ما ادعاه ممثل الشرطة بالنسبة لهذه الهتافات هو أنها تنم عن تحريض ودعوة إلى التمرد. كما ذكرنا أعلاه، حتى وإن اعتقد شخص ما أنها لاذعة وغير مقبولة، غير أنها غير كافية، بحد ذاتها، لبلورة أسس مخالفة خرق النظام العام، حتى ولا أسس مخالفة التحريض والدعوة إلى التمرد (التماس جنائي (المحكمة المركزية في القدس) 1946/98 دولة إسرائيل ضد ن. فايمان، ??-?? 99(2)3684؛ ملف جنائي (محكمة الصلح في القدس) 3454/97 دولة إسرائيل ضد غوجنسكي، (لم يُنشر)؛ ملف جنائي (محكمة الصلح في تل أبيب) 8555/99 دولة إسرائيل ضد فولفسون، (لم يُنشر)؛ ملف جنائي (محكمة الصلح في القدس) 1333/95 دولة إسرائيل ضد يهودا عتصيون، (لم يُنشر)؛ ??”? 1789/98 دولة إسرائيل ضد كهانا، ?”? ?? (5) 145، 175-176).

غني عن الذكر أن تصرف المتظاهرين خلال المظاهرة، كما وصفه ممثل الشرطة أيضا في جلسة النقاش، لا يثير أي شك حول خرق السلامة العامة من قبل المارة. على أية حال، فإن تخوّف الشرطة الذي يرتكز، على ما يبدو، على شهادة أحد المارة، بأن الهتافات التي أطلقت في المظاهرة قد “أزعجته”، من أن المظاهرة ستؤدي إلى خرق السلامة العامة من قبل المارة الذين يعارضون مضامين المظاهرة السياسية، ليس له أن يحول المظاهرة إلى غير قانونية، ولا أن يؤدي إلى اعتقال المتهمين والتحقيق معهم. تُمنع الشرطة من المس بحرية التعبير وحرية التظاهر، حتى بوجود “التخوف”، الذي لا أساس له من الصحة بحد ذاته، من خرق النظام العام من قبل معارضي الاحتجاج. هذا الموضوع يتلاءم مع أقوال القاضي براك في ملف محكمة العدل العليا رقم 153/83 ليفي وآخرون ضد قائد اللواء الجنوبي في شرطة إسرائيل، ?”? ?? (2) 393، 404: “أن أخذ عدائية الجمهور بالحسبان مثله مثل إعطاء مفتاح استخدام حق التظاهر والمسيرات لمن يعارضه. يجب منع هذا الأمر. لا يجدر بنا أن نمنح حق النقض (الفيتو) للرعاع وأن نمنح جائزة للعنف”.

تدخل الشرطة في مضامين المظاهرة

يستشف من كل ما ورد أعلاه أن اعتقال المتظاهرين والتحقيق معهم قد تم بسبب كون الهتافات لم ترق لآذان شرطيي مركز شرطة اللد (ولربما أيضا لآذان أحد المارة، الذي لم يشعر، على ما يبدو، بالراحة إزاء هذه الهتافات)، وبسبب كون هذه الهتافات لا تتماشى مع مواقف رجال الشرطة السياسية. إن تصريحات القاضية الواضحة بشأن الماهية (السياسية) لطلب التوقيف، كما هو مفصل أعلاه، لا تدع مكان للشك حول السبب الحقيقي الكامن خلف اعتقال المتظاهرين والتحقيق معهم.

يجدر الذكر، في هذا السياق، أنه قبيل انتهاء المظاهرة توجه أحد أفراد الشرطة إلى المتظاهرين وبدأ بإسداء النصائح لهم حول ما هو جيد لهم وما الذي “من المجدي” لهم التظاهر من أجله وما هو غير مجد. توجه الشرطي إلى المتظاهرين بأقوال مستفزة: “ما الذي تفعلونه أنتم وأحزابكم من أجل سكانكم” “ما لكم ولفلسطين” “اهتموا بشؤونكم” وغيرها من الأقوال والأسئلة.

نحن نشجب تدخل الشرطة السافر بمضامين المظاهرة السياسية/الأيديولوجية. تبدو، من تصرف أفراد شرطة مركز اللد في هذه الحادثة وفي حوادث أخرى، حدثت في السنوات الأخيرة، تبدو صورة قاتمة يمكنها أن تؤدي إلى تقييد حرية التعبير في أي وقت من الأوقات وبسبب أي تعبير كان، لا تستحسنه الشرطة. إن آراء المتظاهرين ومواقفهم السياسية، بحد ذاتها، ليست من شأن الشرطة ومطبقي القانون في إسرائيل. تُمنع الشرطة من التصرف تجاه المشاركين في عملية احتجاجية وفقا للطابع الأيديولوجي أو السياسية لمضامين العملية الاحتجاجية. “الشرطة غير مؤتمنة على الأيديولوجيات” (ملف محكمة العدل العليا 148/79 ساعر وآخرون ضد وزير الداخلية وآخرين، ?”? ?? (2) 169، 179؛ انظر أيضا أقوال القاضي براك في ملف محكمة العدل العليا رقم 1928/96 جمعية “يشاع” ضد قائد لواء القدس، ?”? ? (1) 541، 543-544: “لا يمكن منع التظاهر أو التجمهر لكون مواقف المتظاهرين لا تروق لقائد الشرطة”).

الحماية القانونية للتعابير التي لا يوجد إجماع عليها

حرية التعبير وحرية التظاهر ليستا الحرية في التعبير عن الآراء والمواقف المقبولة لدى أغلبية سكان الدولة أو التي تتماشى مع سياسة الحكومة فحسب، بل هما حرية التعبير عن الآراء التي لا يوجد إجماع وطني أو جماهيري عليها، حتى وإن كانت تغضب وتثير حفيظة جزء كبير من الجمهور في إسرائيل (التماس جنائي 255/68 دولة إسرائيل ضد بن موشيه، ?”? ?? (2) 427، 434-435؛ ملف محكمة العدل العليا رقم 14/86 ليئور وآخرون ضد مجلس مراقبة الأفلام والمسرحيات وآخرين، ?”? ?? (1) 421). من الواضح أن مجرد التعبير عن رأي مختلف، لا يتماشى مع الإجماع، لا يشكل ركيزة لتخوف أي كان من خرق النظام العام أو الدعوة إلى التمرد (?”? (محكمة الصلح في تل أبيب) 8555/99 دولة إسرائيل ضد فولفسون (لم يُنشر)).

تنطبق على هذا الموضوع أقوال القاضي شموئيل باروخ، قاضي محكمة الصلح في الرملة (بمنصبه في ذلك الحين)، في قضية مشابهة للقضية التي نتناولها، حيث اعتقلت شرطة اللد وحققت مع 11 مواطنا من سكان الرملة واللد وقدمتهم للمحاكمة، الذين تظاهروا في اللد بتاريخ 9.4.02 ضد سياسة الحكومة وممارسات الجيش في المدن الفلسطينية وفي مخيمات اللاجئين: “الحق في التعبير لا ينحصر في إطار الإجماع، ويتم النظر إليه وقياسه في الساعات الحرجة بالذات، حيث يتفوه فيها الناس بأقوال غير اعتيادية لا تتماشى مع الإجماع العام، ولربما تتمخض عن تحد تجاه ذلك الإجماع، ويجب إنجاز المس بحرية التعبير الخاصة بالمواطنين بشكل قياسي”. (?”? (محكمة الصلح في الرملة) 2162/02 دولة إسرائيل ضد نفار (لم يُنشر)). يجرد التأكيد: في تلك الحادثة تم تقديم متظاهرين إلى المحاكمة بسبب هتافات مشابهة لهذه الهتافات، التي أطلقت في المظاهرة التي يتناولها هذا التوجه، وقد تم اتهامهم بمخالفات مشابهة لهذه المخالفات، التي يتم التحقيق فيها مع المتظاهرين لاشتباههم في ارتكابها في القضية التي نتناولها. قرر المستشار القانوني للحكومة في تلك القضية وقف الإجراءات الجنائية التي تم اتخاذها ضد المتظاهرين، وذلك على ضوء ملاحظات المحكمة بشأن انعدام وجود قاعدة قانونية و/أو ثبوتية أي كانت لاتخاذ هذه الإجراءات (حول هذا الموضوع، أنظر توجه الجمعية إلى المستشار القضائي للحكومة من تاريخ 22.5.02، المرفق بهذا الكتاب).

غني عن إعادة تأكيد ما هو مفروغ منه بأن حرية التعبير هي حق أساسي دستوري، يسري على كافة أشكال التعبير مثل التظاهرات الاحتجاجية، المظاهرات، المسيرات وما شابه ذلك (ملف محكمة العدل العليا 153/83 ليفي وآخرون ضد قائد اللواء الجنوبي في شرطة إسرائيل، ?”? ?? (2) 393، 398). ينطبق هذا الحق على كافة أشكال التعبير، سواء اتسم بطابع سياسي أو بطابع آخر. إنه لأمر مفروغ منه أن التعبير عن الآراء السياسية بالذات تحظى بحماية قانونية واسعة جدا، فقد قيل “تنطبق على التعبير عن الآراء السياسية كافة معقوليات حرية التعبير إلى أبعد الحدود. لذلك يمنع، عادة، التعبير عن الرأي السياسي بسبب مسه بالمشاعر فقط. مثل هذا التقييد من شأنه أن يمس بركائز الديموقراطية. من هنا يأتي القرار الذي يمنح حماية كاملة للتعبير عن الآراء السياسية التي تنتقد الحكومة بلهجة مهينة وعنيفة أو حماية رأي سياسي عنصري يمس بمشاعر الجمهور”. (ملف محكمة العدل العليا 606/93 “كيدوم” للمبادرات والنشر (1981) م.ض. ضد سلطة البث، ?”? ?? (2) 1، 13)

الخاتمة

إن تصرف المتظاهرين خلال المظاهرة وبعد انتهائها لا يبرر أبدا اعتقالهم والتحقيق معهم بشبهة تنفيذ مخالفات خرق السلامة العامة و/أو التحريض والدعوة إلى التمرد. في الحالة الثبوتية المبينة أعلاه، لا تقيم الهتافات التي أطلقت في المظاهرة حجة أيا كانت لاعتقال المتظاهرين والتحقيق معهم كما ورد أعلاه. يجري الحديث هنا عن عملية احتجاجية شرعية في إطار التقييدات المسموح بها والمحمية من حرية التعبير.

إننا نستنكر السهولة غير المحتملة، والتي يجد المشاركون في عمليات احتجاجية أنفسهم فيها معتقلين ومتهمين بارتكاب مخالفات خرق النظام العام و/أو التحريض والدعوة إلى التمرد، دون أي ركيزة قانونية و/أو ثبوتية. لا يوجد أي مس بالديموقراطية أشد من استخدام الصلاحيات السلطوية الممنوحة لسلطات تنفيذ القانون في إسرائيل، كأداة لدفع أهداف سياسية قدما “ولمعاقبة” المواطنين بسبب مواقفهم الأيديولوجية فقط ومجرد مشاركتهم في عمليات احتجاجية. إن هذا الاستخدام المرفوض والتعسفي معناه مس بالغ بحرية التعبير وحرية التظاهر.

إننا نستنكر بشدة بالغة تكرار الحالات، في الآونة الأخيرة، التي يتم المس فيها بحرية التعبير من قبل الشرطة، وذلك رغم التنبيهات المتكرر من قبل الجمعية حول هذا الموضوع. نذكر، على سبيل المثال، أنه في شهر أيار من عام 2002 كنا قد توجهنا إلى سلفك في المنصب بشكوى تتعلق باحتجاز متظاهرين اثنين كانا قد تظاهرا أمام وزارة الدفاع في تل أبيب ورفعا لافتة كتب عليها “الجيش الإسرائيلي هو منظمة إرهابية، بروفيل 21 الآن”. لقد أجري معهم تحقيقا مطولا بشبهة التحريض وخرق النظام العام وقد حكم عليهما بالحبس المنزلي. في نهاية الأمر، تم إقفال ملف التحقيق لانعدام وجود الأدلة، وأما الطلب الذي قدمناه إليك، قبل سنتين، لإعادة النظر في حجة إغلاق الملف، فقد تم تناقله بين الأيدي وقد وصل مؤخرا إلى طاولة السيد شاي نيتسان. في ختام كتاب الاعتراض المفصل، الذي تطرق إلى حادث آخر للتحقيق في التعبير عن الرأي، طلبنا منك أن تعيد إصدار توجيهاتك إلى الشرطة، المتعلقة بالإجراء الذي يمنع الشروع بتحقيق في مخالفات التعبير عن الرأي دون مصادقة المدعي العام. هذه الأمور تنطبق على هذه الحالة أيضا. (أنظر أيضا توجهنا من تاريخ 22.5.02، في قضية لائحة الاتهام التي تم تقديمها ضد متظاهرين في اللد، وتوجهنا من تاريخ 22.7.02، في قضية اعتقال متظاهرين في اللد والتحقيق معهم؛ مرفق بهذا نسخ عن الرسائل).

استنادا إلى ظروف القضية، ومع الأخذ بعين الاعتبار حق المتظاهرين الأساسي في التعبير عن مواقفهم السياسية بشكل حر، علني ودون الإحساس بالخوف، نتوجه إليك مطالبين بأن تأمر بإغلاق ملفات التحقيق ضد المشتبه بهم في هذه القضية، وذلك لانعدام وجود ذنب، وإلغاء كافة الإجراءات الجنائية التي اتخذت بحقهم حتى الآن. كما ونطلب منك إصدار توجيهاتك فورا إلى سلطات تنفيذ القانون في دولة إسرائيل، ومن ضمنها المدّعون الشرطيون بشكل عام وأفراد شرطة مركز اللد بشكل خاص، لاحترام الحق الدستوري في التعبير عن الرأي ومنحه الوزن اللائق قبل اتخاذ إجراءات جنائية بحق المشاركين في عمليات احتجاجية.

على ضوء أهمية الموضوع، وبهدف منع المماطلة في تنفيذ الإجراءات القانونية المتعلقة بالمشتبه بهم، أطلب ردك على ما ورد أعلاه بأسرع وقت ممكن.

باحترام،

عوني بنا، محام

31/07/06

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: الحق في التظاهر, حريّة التعبـير, حريّة الحركة, حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.