إقامة لجنة تحقيق للتحقيق في مقتل المدنيين في قرية قانا في لبنان

حضرة
السيد إيهود أولمرت
رئيس الحكومة

تحية طيبة وبعد،

الموضوع: إقامة لجنة تحقيق للتحقيق في مقتل المدنيين اللبنانيين في قرية قانا

نتوجه إليك طالبين أن تطرح أمام الحكومة اقتراح قرار لتعيين لجنة تحقيق رسمية بمقتضى قانون لجان التحقيق لعام 1968 (لاحقا – “القانون”) بهدف التحقيق في مقتل المدنيين اللبنانيين الأبرياء الذي حدث البارحة في أعقاب قصف مبنى سكني في قرية قانا اللبنانية وللتحقيق في أحداث أخرى قُتل فيها مدنيون لبنانيون أبرياء، كل ذلك كما هو مفصل أدناه:

1. في يوم الأحد الموافق 30.7.06، قصف سلاح الجو مبنى سكنيا مؤلفا من ثلاثة طوابق في حي خريبة في قرية قانا الواقعة في الجنوب اللبناني. وفق ما نشرته وسائل الإعلام، قتل جراء القصف 56 مدنيا على الأقل، بينهم ما لا يقل عن 37 ولدا.

2. يُضاف هذا الحدث إلى سلسلة من الإصابات السابقة التي لحقت بالمدنيين الأبرياء والقتل الذي تعرضوا له.

3. يتبين من شهادات السكان اللبنانيين، وحتى من تقارير الجيش، أن سلاح الجو قد قصف المبنى للمرة الأولى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. بعد الهجوم الأول، خرج جزء من السكان من المبنى محاولين تقدير الأضرار التي لحقت به الأمر الذي أدى إلى نجاتهم. أما الذين بقوا في المبنى فقد لاقوا حتفهم بعد عشر دقائق جرّاء القصف الثاني الذي نفذه سلاح الجو.

4. لقد اجتمع في المبنى الذي تم قصفه سكان كثيرون من القرى الواقعة في منطقة قانا، حيث اعتقدوا خطأ أن المبيت في الطابق الأرضي من المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق سوف يحميهم، لكن معظمهم قد لاقى حتفه، في نهاية الأمر، نتيجة انهيار جدران المبنى في أعقاب قصفين نفذهما سلاح الجو.

5. إن علما أسود يرفرف فوق هذا الهجوم، الذي أدى إلى وفاة الكثير من المدنيين الأبرياء، وهو يشكل، للوهلة الأولى، خرقا سافرا لمبدأين أساسيين من مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي: مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين ومبدأ القياسية.

6. هذه القواعد تشكل سبب وجود القانون الإنساني وهي معدة لخدمة أهدافه السامية، أي تقليل معاناة المدنيين الأبرياء قدر الإمكان أثناء الحرب. انعدام الأخلاقيات الكامن في خرق هذه القواعد يعبر عن ذاته.

7. إن حدة خرق قواعد القانون الإنساني وقواعد القانون الجنائي الدولي، التي أدت إلى قتل أكثر من خمسين مدنيا بريء، تلزم إقامة لجنة تحقيق رسمية وفقا للقانون.

8. على الحقائق التالية، من بين أمور أخرى، أن تقف نصب أعين اللجنة: تدمير البنى التحتية، الطرقات والجسور في جنوب لبنان، وحقيقة كون سلاح الجو قد قصف مركبات قامت بنقل لاجئين نزحوا متوجهين إلى الشمال، كل ذلك حال دون العديد من السكان في الجنوب اللبناني من العمل بموجب مناشير الجيش، التي دعت السكان إلى ترك منازلهم واضطرهم إلى البقاء في قراهم. هذا الحال، الذي أعلن عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية أيضا، كان من شأنه أن يكون معلوما لدى المسؤولين عن العمليات العسكرية في جنوب لبنان. لذلك، فإن الادعاء بأن الجيش قد أبلغ السكان بأن عليهم ترك قراهم، لا يعفيه من المسؤولية عن مصير هؤلاء السكان.

9. ينص البروتوكول الأول من ميثاق جنيف بشأن حماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة، من عام 1997 (لاحقا – “البروتوكول”)، والذي تحولت تعليماته بشأن حماية السكان المدنيين إلى جزء من القانون الدولي المتعارف عليه، ينص على أنه “عند القيام بعمليات عسكرية يجب توخي الحذر الدائم بهدف الرأفة بالسكان المدنيين، بالمواطنين وبالأهداف المدنية” (البند 57(1) من البروتوكول).

10. كما ويحدد البروتوكول أنه “يجب إلغاء الهجوم أو تأجيله إذا اتضح أن الهدف ليس هدفا عسكريا […] أو من المتوقع أن يكون مرفقا بخسارة حياة المدنيين، بإصابة المواطنين، بأضرار تلحق بالأهداف المدنية، أو بالدمج بين كل ذلك، تكون مبالغ بها مقابل الامتياز العسكري المتوقع العيني والمباشر” (البند 57(2)(ب) من البروتوكول).

11. إن قصف المباني السكنية بذريعة أنه قد تم تحذير السكان مسبقا، مع تجاهل تام للمشاق التي يواجهها اللاجئون، حيث كانت تنتهي، في العديد من الحالات، بقتل السكان الذين حاولوا الهرب، يشكل تغاضيا وتملصا تامين من واجب توخي الحذر، الذي تنص عليه، من بين أمور أخرى، تعليمات البروتوكول المقتبسة أعلاه.

12. إضافة إلى ذلك الادعاء بأنه قد تم إطلاق قذائف الكاتيوشا من قرية قانا باتجاه إسرائيل، لا يبرر بحد ذاته القصف المباشر للمباني السكنية وقتل أكثر من خمسين مدنيا كانوا يمكثون بداخلها. تفرض قواعد القانون الإنساني واجبا واضحا على القوة المقاتلة في التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية. إطلاق القذائف من مواقع قريبة من المنازل السكنية لا تبرر القصف المباشر من الجو على تلك المنازل وقتل كل من يتواجد بداخلها. ينص البند 51(5) من البروتوكول على ما يلي:

“من بين أمور أخرى، تعتبر الهجمات من الأنواع المفصلة أدناه أنها هجمات معدومة التمييز:

12.1. الهجوم بالقصف بأي طريقة أو وسيلة يعتبر عددا من الأهداف العسكرية المنفردة التي يتم تمييزها بشكل واضح والمتواجدة في مدينة، بلدة، قرية أو منطقة أخرى تحتوي على كثافة مشابهة من السكان أو الأهداف المدنية، كهدف عسكري وحيد؛ وكذلك

12.2. الهجوم الذي من المتوقع أن يكون مرفقا بخسارة حياة المدنيين، بإصابة المواطنين، بإضرار تلحق بأهداف مدنية، أو بدمج كل هذه الأمور، حيث يكون مبالغ بها مقابل الامتياز العسكري المتوقع العيني والمباشر.”

13. عمليات سلاح الجو في قرية قانا تخالف تعليمات البروتوكول التي وردت أعلاه مخالفة تامة.

14. إن عدم قانونية وعدم أخلاقية القصف، الذي أدى إلى وفاة العشرات من المواطنين الأبرياء، يلزم، بادئ ذي بدء، بأن تكون الصلاحية الممنوحة للجنة التحقيق هي التطرق الواضح لواجب استيضاح ظروف الحادث وفحص المسؤولية الشخصية لكل من كان متورطا به كما تنص تعليمات القانون الجنائي الدولي، ابتداء من الطيار الذي قام بقصف المبنى وانتهاء بالمستويات العسكرية والسياسية الرفيعة، التي صادقت على العملية، ولم تتخذ، عوضا عن ذلك، الخطوات اللازمة لمنع مثل هذه العمليات غير القانونية بشكل واضح.

15. فور انتهاء التحقيق، يجب دراسة استنتاجات تقرير لجنة التحقيق، ومن ضمنها فحص إمكانية تقديم كل من يُشتبه به بأنه كان متورطا في مخالفة تعليمات القانون إلى المحاكمة.

16. يتوجب على الدولة التي تدعي الديموقراطية، الأخلاقية والمحافظة على القانون، أن تدير القتال وفقا لتعليمات القانون الإنساني والقانون الجنائي الدولي. إن الاستعداد لاحترام تعليمات القانون الدولي في أوقات الأزمات وفي أوقات الحرب هو الذي يميز بين الدول الأخلاقية والتي تحترم القانون وبين الدول غير الأخلاقية والتي لا تحترم القانون. نشير، في هذا السياق، إلى أقوال القاضي براك:

تخوض إسرائيل حربا قاسية […] هذه الحرب لا تدور رحاها في فراغ معياري. إنها تدور وفق قواعد القانون الدولي، التي تحدد مبادئ وقواعد لإدارة القتال. إن المقولة القائلة “عندما تدوي المدافع، يصمت الإلهام” هي مقولة غير صحيحة. إن مقولة كيكرو أنه أثناء الحرب ينخفض صوت القوانين، لا تعبر عن الواقع المعاصر. وقفت على هذا الأمر في إحدى القضايا، حين قلت: “عندما تدوي المدافع، يصمت الإلهام. ولكن عندما تدوي المدافع يتوجب على القائد العسكري أيضا احترام القانون. إن قدرة مجتمع ما على التصدي لأعدائه ترتكز على اعترافه بأنه يقاتل من أجل قيم تستحق الحماية. سلطة القانون هي إحدى هذه القيم” (ملف محكمة العدل العليا 168/91 مرقس ضد وزير الدفاع [2]، صفحة 470-471″.

ملف محكمة العدل العليا 3451/02 ، المدني ضد وزير الدفاع وآخرين ?”? ?? (3) 30، 3

17. احترام تعليمات القانون الدولي معناه احترام التعليمات التي تفرض مسؤولية شخصية على كل من كان متورطا بالخرق السافر لتعليمات القانون الجنائي الدولي. إن إقامة المحاكم الدولية وتبني دستور روما من القانون الدولي الجنائي يعكسان التزام المجتمع الدولي بمعاقبة الذين كانوا متورطين بخرق تعليمات القانون الإنساني.

على ضوء ما تقدم، نطلب منك العمل على إقامة لجنة تحقيق للتحقيق بقتل المدنيين في قرية قانا.

باحترام،

دان يكير، محام
المستشار القانوني

31/07/06

Share and Enjoy:
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Facebook
  • Print
  • email

קטגוריות: الحق في الحياة وسلامة الجسد, القانون الإنساني الدولي, حقوق مدنيّة

مفتاح :.

Comments are closed.